للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومزاعم أخرى كثيرة كان الواقع السيء يمدهم بأدلتها. ويسهل لهم إثارتها١.

٨- تهوين شأن الحضارة الإسلامية وتشويه تاريخها:

يزعم المستشرقون أن أعظم مآثر المسلمين الحضارية هو نقل التراث اليوناني- نقله فقط وحفظه من الضياع- وأن روائعهم العمرانية مقتبسة من الفن البيزنطي ... الخ.

أما تشويه التاريخ الإسلامي، فلم يدعوا وسيلة لذلك إلا سلكوها حتى سلبوه كل فضائله، وحصروه في الناحية السياسية ليصبح سلسلة من المشاحنات والمؤامرات والدسائس، ثم كرسوا الحديث عن الحكام في موضوعات الحريم والجواري والشعراء، وعمدوا إلى عظمائهم في الحرب والسلم فوصفوهم بالجمود والتزمت ومعادات التحضر، واتخذوا من الخزعبلات المدسوسة في التراث مصادر لتشويه سيرهم، ومن هنا بذلوا جهودهم لترجمة ونشر تلك الخزعبلات ومنح الدرجات العليا للباحثين فيها، وكان ثمرة ذلك كله أن مفهوم الحضارة الإسلامية لا يتجاوز عند غالبية المثقفين معنى كلمة "فول كلور"٢.


١ كتب الأستاذ محمد قطب فصلاً مهما عن قضية تحرير المرأة في كتابه واقعنا المعاصر: ٢٥٠-٢٩٥ وانظر ما كتب في حاشية ٢ ص ٥٤.
٢ وهذا ما يفسر لنا السر وراء نعيق كثير من أبناء جلدتنا ممن ينادون بإحياء التراث الشعبي وما يسمون أحياناً بالموروثات القديمة والتي يجعلون على رأس قائمتها الدين الإسلامي كما يزعم سفهاء الحداثة- الدين الجديد- الوجه الآخر للماركسية كما يقول هنري رفيفر أحد رواد- أو أصنام- الحداثة في فرنسا حيث يقول:
"الحداثة هي ظل الثورة الغائبة هنا- في باريس- والناقصة هناك- في موسكو- وليس في موسكو إلا الماركسية اللينينية التي فشلت عند التطبيق على أيدي زعمائها".

<<  <   >  >>