لقد خلت على الأمة قرون؛ فيها السمان وفيها العجاف، فيها خير القرون وفيها غير ذلك، وهي تتفاعل مع النص القرآني؛ تدرسه وتتدارسه، تُجلّي فهمها له في أعمال، وتلخَّص نظرتها لمفاهميه في أقوال، وقد تراكم من ذلك اليوم ما راكم، وانهدم من بنيان الأمة ما انهدم، واحتيج إلى عودة صادقة، يتأسس فيها اجتهاد الخلف على استيعاب جهود السلف، ويتجدد فيها التدين بناء على تجدد فهم الدين، عودة يستعيد فيها المصطلح القرآني سلطته، ويسترجع في القلوب ما ضاع من مفهومه، ويحرر المساحات الهائلة المغتصبة من عقول الأمة بفعل الانسلاخ والانحسار، أو التبعية والانبهار. ولا سبيل إلى ذلك بغير الدراسة الجادة لمفاهيم المصطلحات القرآنية، وتيسير تداولها – بعد تبينها على الوجه الصحيح – للناس.
وأول ما يجب التمهيد به لذلك، هو هذه الفهوم التي فهمت بها مصطلحات القرآن الكريم، في مختلف الأعصار والأمصار، ولدى مختلف العلماء في مختلف التخصصات؛ والتي تتجلى أساساً في التعاريف والشروح التي شرحت بها المصطلحات؛ ذلك بأنها تمثل خلاصة الفهم، وخلاصة التفاعل بين النص الثابت والواقع المتغير، عبر الإنسان المختبر الوسيط، وخلاصة الرصيد الذي لا يدانيه رصيد، في المساعدة على التبين والتنزيل والتجديد.
لا جرم أن جمع ذلك، وتوثيقه، وتصنيفه، وإخراجه في معجم تاريخي، يمتد أكثر من أربعة عشر قرناً، سيحقق أهدافاً كثيرة، منها: