للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نت) ١: أنَّ الخطوة الأولى: أن تعرف الخالق بمعرفة مخلوقاته. والخطوة الثانية: أن تميّز بين الخالق وطبيعة الكون. والخطوة الثالثة: أن ترى الوحدة بين الخالق وطبيعة الذرّة التي خُلق منها هذا الكون. والخطوة الرابعة، وهي الغاية العظمى عند الهنادك: أن ترى أنَّ ذرة التخليق تتلاشى في ذات الخالق؛ لأنَّها هي هيولى الكائنات، ومصيرها الاتحاد بعلة العلل. ولهذا لا يستنكر (الفيدانت) على من يدعو مع الله إلهاً آخر٢.

ومن المؤكَّد ـ أيضاً ـ أنَّ النصرانيَّة المحرَّفة قد تأثَّرت في هذا المعتقد بالمصريِّين القدماء؛ فعلماء الدين من المصريِّين الأقدمين كانوا يعتقدون حلول الآلهة في الأجسام، “بل إنَّهم ما كانوا يتصوَّرون عالماً روحانيًّا ومجرّداً من الجثمانيَّة؛ فالروح لا بُدّ لها من جثمان تحلّ فيه، حتى إنَّها عند الموت لا تُفارق الجسم إلا على عودةٍ سريعةٍ إليه. وإذا كان ذلك شأن الأرواح، فهو أيضاً شأن الآلهة، لا بُدّ من مأوى تأوي إليه في الحياة، وجسمٍ تحلّ فيه. وقد أعملوا


١ الفيدا: معناه العلم. وقديماً كان يُطلق لفظ (فيدا) على جميع الكتب الهندوسيَّة، ثمَّ خُصَّ بأربعة كتب، هي: (ريج فيدا) ، و (ياجور فيدا) ، و (سآم فيدا) ، و (آتُورَ فيدا) . ويُعتبر (الفيدا) ـ حاليًّا ـ من أهمّ الكتب المقدَّسة لدى الهندوس، وقد نال شهرة كبيرة من الجماهير. وهو ليس اسم كتاب مؤلّف على الأبواب والفصول، وإنَّما هو مجموعة من الأجزاء المنتشرة من تعليمات الزهَّاد والنّسَّاك في القرون المظلمة قبل الميلاد. والفيدانت معناه: زبدة الفيدا. ويعتبر (الفيدانت) من الكتب الفلسفيَّة والأخلاقيَّة لدى الهندوس، وهو أصغر حجماً، وأكبر تأثيراً على الفكر الهندي الفلسفي والصوفي من أي كتاب آخر من الكتب الهندوسيَّة. [انظر فصول في أديان الهند: (الهندوسيَّة، والبوذيَّة، والجينيَّة، والسيخيَّة) ، وعلاقة التصوّف بها لمحمد ضياء الرحمن الأعظمي ص ٢٠-٢١، ٤٥] .
٢ انظر فصول في أديان الهند للأعظمي ص ١٧٤.

<<  <   >  >>