للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فكرهم في الأحياء التي عساها تكون موضعَ حلول الآلهة، فزعموها في الأحياء التي تتصل بالخصب والإنتاج، والبَذر والإثمار، وأحلُّوها في غيرها لميزةٍ لاحظوها، أو توهّموها؛ فأحلُّوا آلهتهم أحياناً في ثورٍ، وأحياناً في قطّ، وأحياناً في غيرهما. وصاروا يعبدون هذه الحيوانات على أنَّها أوعية قد حلَّت فيها الآلهة..”١.

وفكرة الحلول قد ظهرت في الإسلام، وقُصِدَ بها حلول الله في شخصٍ، أو أشخاص، وكان الغرض منها ضربُ الإسلام في أهمِّ ركنٍ من أركانه، ألا وهو التوحيد.

يقول الحسن بن موسى النوبختي (ت ٣١٠?) عن الحلوليَّة: “ وكلّهم متفقون على نفي الربوبيَّة عن الجليل الخالق، وإثباتها في بدن مخلوق، على أنَّ البدن مسكنٌ لله، وأنَّ الله تعالى نورٌ وروح ينتقل في هذه الأبدان “٢

وأوَّل من أظهر فكرة الحلول في الإسلام: غلاةُ الروافض الذين قَصَدوا إضفاء صفة الألوهيَّة على عليٍّ رضي الله عنه، والأئمَّة من بعده٣.

يقول الإمام عبد القاهر البغدادي (ت ٤٢٩هـ) : “ الحلوليَّةُ في الجملة عشرُ فرقٍ، كلّها كانت في دولة الإسلام، وغرض جميعها القصدُ إلى إفساد القول بتوحيد الصانع. وتفصيلُ فرقها في الأكثر يرجع إلى غلاة الروافض “٤.

وليس القول بالحلول قاصراً على غلاة الروافض فحسب، بل إنّ كثيراً من الصوفيَّة قالوا به أيضاً.


١ مقارنات الأديان ـ الديانات القديمة ـ لمحمد أبو زهرة ص ١٤.
٢ فرق الشيعة للنوبختي ص ٤٤.
٣ انظر مع الشيعة الإماميَّة لمحمد جواد مغنية ص ٣٩-٤٠.
٤ الفرق بين الفرق للبغدادي ص ٢٥٤.

<<  <   >  >>