للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المنقطعة على الحلاوة الدائمة التي لا تزول، ولا يحتمل مرارة ساعة لحلاوة الأبد، ولا ذل ساعة لعز الأبد، ولا محنة ساعة لعافية الأبد، فإن الحاضر عنده شهادة والمنتظر غيب والإيمان ضعيف، وسلطان الشهوة حاكم فتولد من ذلك ايثار العاجلة ورفض الآخرة، وهذا حال النظر الواقع على ظواهر الأمور وأوائلها ومبادئها، وأما النظر الثاقب الذي يخرق حجبه العاجلة ويجاوزه إلى العواقب والغايات فله شأن آخر”١.

وكأن ابن القيم رحمه الله يفسر بذلك ما في كتاب الله تعالى في قوله سبحانه: {كَلا بَل تُحِبُّونَ العَاجِلةَ وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ} [القيامة ٢٠-٢١] .

وقوله تعالى: {بَل تُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى١٦-١٧] .

وتفريعا على ما سبق نقول: من الوسائل التي بها يتقوى الإيمان وتزكو النفس فتنبو عن الخسائس:

- إقامة الفروض لاسيما الصلوات الخمس كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم “ الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر” ٢.

فأداء العبادات وجملة الطاعات يقوي الإيمان، وللطاعة أثر حميد في النفس يبعث فيها المضي في الخير والكف عن الشر. ذكر ابن القيم رحمه الله أثر العبادة في النفس حتى تجد راحتها في العبادة والمناجاة ثم قال: “ فإذا حصل للنفس هذا الحظ الجليل فأي فقر يخشى معه وأي غنى فاتها حتى تلتفت إليه ولا يحصل لها


١ زاد المعاد ٤ / ١٩٦.
٢ م: الطهارة (٢٣٣) واللفظ له، ت: الصلاة (٢١٤) وقال حسن صحيح، ماجة: إقامة الصلاة (١٠٨٦) ، أحمد: المكثرين (٦٨٣٢) .

<<  <   >  >>