للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأسلوب التأليف يتغلغل في أغوار النفس البشرية فيعالج فيها الإعوجاج ويشبع فيها النهمة ويصحح لها تصور حقيقة المادة، لتوقن أنها بلغة لا غاية، وتأمل كيف كان يؤثر هذا البذل النبوي في النفوس، قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه - أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا وسعد جالس فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا هو أعجبهم إلي فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا فقال أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي فقلت ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا فقال أو مسلما ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال “ يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار” ١.

وكان هذا منهاجا نبويا يسري على كل من يستحق التأليف والترغيب في الخير بالأسلوب الرفيق، يشهد لذلك قول أنس رضي الله عنه: فلقد “ كان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم لشئ يعطاه من الدنيا فلا يمسي حتى يكون الإسلام أحب إليه وأعز عليه من الدنيا وما فيها” ٢.

وقال صلى الله عليه وسلم لرجل “ بئس أخو العشيرة “ ثم ألان له في القول وتطلق في وجهه٣.

قال النووي: ولم يمدحه النبي صلى الله عليه وسلم ولا ذكر أنه أثنى عليه في وجهه ولا في قفاه، إنما تألفه بشئ من الدنيا مع لين الكلام. ا?.

أما الستر: فهو كذلك أسلوب في دعوة العصاة واستمالتهم إلى حياض الطاعة والخير، ومن الأمثلة عليه حديث أنس رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه عليّ. قال ولم يسأله


١ متفق عليه: خ: الإيمان (٢٧) واللفظ له، م: الإيمان (١٥٠) .
٢ أحمد: المكثرين (١١٦٠٨) .
٣ متفق عليه: خ: الأدب (٦٠٣٢) ، م: البر والصلة (٢٥٩١) .

<<  <   >  >>