للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عنه، قال وحضرت الصلاة فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قام إليه فقال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقم فيّ كتاب الله، قال: “أليس قد صليت معنا”؟ قال: نعم. قال: “فإن الله قد غفر لك ذنبك” أو قال “حدك” ١.

قال ابن حجر: “قال الخطابي: في هذا الحديث أنه لا يكشف عن الحدود بل يدفع مهما أمكن، وهذا الرجل لم يفصح بأمر يلزمه به إقامة الحد عليه فلعله أصاب صغيرة ظنها كبيرة توجب الحد فلم يكشفه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، لأن موجب الحد لا يثبت بالإحتمال..”٢.

وإذا كان مرتكب المعصية ما ليس فيه حد من ذوي الجاه والمكانة الاجتماعية وكان في سترهم تأليف لقلوبهم على سبيل إرجاء نهيهم عن المنكر إلى حين أو على سبيل ترك مؤاخذتهم لحين فلا مانع منه من غير ضعف ولا مداهنة وفي مثل هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “ أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم “ ٣.

وكثيرا ما يكون في إقالتهم عثراتهم خيرا لا سيما إن كانوا يستشعرون هذا المعنى ويقدرونه، ويحسون بما اقترفوه من معصية في جنب الله، وأنه ما غُض عنهم إلا استصلاحا لحالهم ومراعاة لمكانتهم وأن يعود ذلك بالمصلحة على المجتمع.

هذا وللستر ضوابط تستنبط من جملة النصوص الواردة فيه، ملخصها:

١- أن يترجح في الظن إقلاعه عن المعصية ولو بعد حين.

٢- أن لا يترتب على الستر مفسدة شرعية راجحة.

٣- أن لا يكون قد وصل الأمر الى الحاكم الشرعي، فإن وصل إلى الحاكم الشرعي فلا يجوز الستر حينئذ لا سيما الحدود الشرعية. لما فيها من الحق العام الذي لا يملك الأفراد التنازل عنه.


١ متفق عليه: خ: الحدود (٦٨٢٣) ، م: التوبة (٢٧٦٤) .
٢ الفتح ١٢ / ١٣٤.
٣ د: الحدود (٣٨٠٣) ، أحمد: الأنصار (٢٤٣٠٠) .

<<  <   >  >>