للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصل: وأما التعزير بالعقوبات المالية فمشروع أيضا في مواضع مخصوصة في مذهب مالك وأحد قولي الشافعي وقد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه بذلك في مواضع منها: إباحته صلى الله عليه وسلم سلب الذي يصطاد في حرم المدينة لمن وجده، ومثل أمره صلى الله عليه وسلم بكسر دنان الخمر وشق ظروفها، ومثل أمره لعبد الله بن عمر أن يحرق الثوبين المعصفرين، ومثل أمره صلى الله عليه وسلم يوم خيبر بكسر القدور التي طبخ فيها لحم الحمر الأنسية ثم استأذنوه في غسلها فأذن لهم، فدل ذلك على جواز الأمرين لأن العقوبة لم تكن واجبة بالكسر، ومثل هدمه مسجد الضرار، ومثل تحريق متاع الغال، ومثل حرمان السلب الذي أساء على نائبه، ومثل إضعاف الغرم على سارق مالا قطع فيه من الثمر والكثر، ومثل إضعافه الغرم على كاتم الضالة ومثل أخذه شطر مال مانع الزكاة عزمة من عزمات الرب تبارك وتعالى، ومثل أمره لابس خاتم الذهب بطرحه فلم يعرض له أحد، ومثل تحريق موسى عليه السلام العجل وإلقاء برادته في اليم، ومثل قطع نخيل اليهود إغاظة لهم، ومثل تحريق عمر وعلي رضي الله عنهما المكان الذي يباع فيه الخمر، ومثل تحريق عمر قصر سعد بن أبي وقاص لما احتجب فيه عن الرعية، وهذه قضايا صحيحة معروفة وليس يسهل دعوى نسخها، ومن قال إن العقوبات المالية منسوخة وأطلق ذلك فقد غلط على مذاهب الأئمة نقلا واستدلالا فأكثر هذه المسائل سائغ في مذهب أحمد ... إلى آخر كلامه رحمه الله”١.

ومما تقدم يتبين أن زجر العصاة والتنكيل بهم هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهومن الحسبة التي يقوم بها المسلمون إما تطوعا وإما ولاية، وينبغي تعاون المسلمين لاسيما الدعاة على هذا المبدأ العظيم وأن يكونوا جميعا يدا واحدة في نشر الفضائل وقمع الرذائل قال ابن تيمية رحمه الله مبينا طرفا من


١ الطرق الحكمية – ص ٣٨٤.

<<  <   >  >>