وما أحسنَ ما قاله الإِمام الحافظ الحسين بن مسعود البغوي لَمَّا أورد أَحَدَ أحاديث الصفات، قال: "وكذلك كُلُّ ما جاء به الكتاب أو السُّنَّة من هذا القبيل في صفات الله -تعالى- كالنَّفْسِ، والوجه، والعين، واليد، والرِّجْل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك، والفرح.
فهذه ونظائرها صفاتٌ لله -تعالى- وَرَدَ بها السمع يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها، مُعْرِضًا فيها عن التأويل، مجتنبًا عن التشبيه، معتقدًا أنَّ الباري -سبحانه وتعالى- لا يشبه شيءٌ من صفاته صفات الخَلْق، كما لا تشبه ذاتُه ذواتِ الخلق، قال الله -سبحانه وتعالى-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} [سورة الشورى، الآية: ١١].
وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة، تلقوها جميعًا بالإيمان والقبول، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- كما أخبر الله -سبحانه وتعالى- عن الراسخين في العلم، فقال -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧)} [سورة آل عمران، الآية: ٧].