للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هاشم قد توفي، فلقي محمد بن علي فعزّاه بأبي هاشم وخبّره بما ألقى إليه من أمره، فقال له ابن بجير: قد ألقى إليّ هذا الأمر وعهد إليّ فيه فابعث إلى أصحابه الذين كانوا معنا [١] لننظر في أمرنا. ولم يكن ابن بجير لقيهم فأرسل إليهم محمد ابن علي فلما دخلوا عليه ونظروا إلى ابن بجير بكوا وعزّاهم وعزّوه، فكان إبراهيم بن سلمة يقول: لم أر من خلق الله أحدا كان أقوى بصيرة من ابن بجير، فقال لأصحابه: قد مضى أبو هاشم ونحن نرى طاعته واجبة علينا وطاعته [٢] في مماته كطاعته في حياته لا ندين إلّا بذلك وكلّ من عليها فان، فطوبى لمن مات على حقّ داعيا إلى حقّ، شمّروا في أمركم فإنّكم أيّتها العصابة قد وجبت عليكم الحجة بما عرّفكم الله من حقّه، فنافسوا في إقامته تفوزوا غدا بحسن ثوابه. ثم أقبل على محمد بن علي فقال: إنا والله ما أحببناكم [٣] إلّا لما رجونا من درك ثواب الله في الآجل فانهض في أمرك، [٨٨ أ] فقد تقارب ما كنّا ننتظره، وما آتاك الله من العلم بذلك أكثر [٤] . فقال له محمد بن علي: رحمك الله، أنت أخي دون الإخوة، ولست أقطع أمرا دونك، ولا أعمل إلّا برأيك، وهذا الأمر لا تنال حقيقته إلّا بالتعاون عليه، فقوموا به يجمع لكم به خير الدنيا [وخير الآخرة] [٥] ، فدعا له القوم وطابت نفوسهم، وقووا بما كلّمهم به للَّه. ثم قال له ابن بجير: إنّي قد كنت غرست لكم غرسا لا تخلف ثمرته، استجاب لي عدة من رهطي وجيرتي وخلطائي ليسوا


[١] في الأصل: «فيه» وما أثبتنا من كتاب التاريخ ص ٢٤٩ أ.
[٢] في كتاب التاريخ «فطاعته» .
[٣] في كتاب التاريخ ص ٢٤٩ أ «ما أجبناكم» .
[٤] في كتاب التاريخ ص ٢٤٩ أ- ب: «وما آتاك الله بذلك من العلم أكبر» .
[٥] زيادة من كتاب التاريخ ص ٢٤٩ ب، وعبارته: «يجمع الله لكم خير الدنيا وخير الآخرة» .

<<  <   >  >>