للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أخبار عبد الله مع معاوية]

ابن دأب ومعمر عن إدريس ومحمد بن إسحاق قال: قدم ابن عباس على معاوية ابن أبي سفيان، وكان يلبس أدنى ثيابه ويخفض شأنه، لما كان يعرف من كراهية معاوية لإظهار أمره، وكان معاوية يجفوه، فمكث عنده مقيما ما شاء الله. ثمّ إنّ مروان بن الحكم كتب إلى معاوية، يخبره بمرض الحسن ابن علي، وأنّه رأى أنّ به السلّ [١] ، فكتب إليه معاوية: لا تغبني خبره يوما.

فكان يأتي خبره معاوية كلّ يوم. فقال رجل من قريش: إني لبالباب في اليوم الّذي جاء فيه نعي الحسن بن علي عليه السلام، إذ مرّ يزيد بن معاوية داخلا على أبيه، فأدخلني، فما مرّ بباب إلّا قالوا: مرحبا بابن أمير المؤمنين، حتى انتهى إلى البيت الّذي فيه معاوية، وإذا امرأته بنت قرظة [٢] تعطره وتسرّح لحيته، فلما رأتنا امرأته [١٢ ب] ، قالت: وا سوأتاه، أتدخل علينا الرجال؟

فقال لها: اسكتي، وإلّا عزمت على أمير المؤمنين أن يتزوّج أربع قرشيات كلّهن يأتين بغلام يبايع له بالخلافة. فقال لها معاوية: اسكتي، فلو عزم عليّ يزيد لم أجد بدّا من إنفاذ عزيمته، فقامت فلم تقدر على النهوض، حتى وضعت يدها على الأرض، ثم ارتفعت، فلما ولّت، قال معاوية:

ما كنا لنغيرها. قال يزيد: وما كنت لأعزم عليك، إنما قلت ما قلت لأذعرها.

فإنّا كذلك إذ دخل شيخ طوال، كان على الصائفة، فسأله معاوية عن أمر الناس والجند، فبينا نحن كذلك إذ دخل غلام معاوية، فقال: يا أمير


[١] انظر مروج الذهب للمسعوديّ ج ٥ ص ٢- ٣، وشرح نهج البلاغة ج ١٦ ص ١٠.
[٢] هي فاطمة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف. جمهرة النسب لابن الكلبي ق ١ ص ٢٩. وانظر مروج الذهب ج ٥ ص ٨.

<<  <   >  >>