للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو أهون عليه، وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، فتبارك ذو الفضل العظيم. أمّا بعد فإنّي أوصيكم بتقوى الله الّذي لا يزيد في ملكه من أطاعه، ولا ينقص من ملكه من عصاه، بيده الملك ويبقى ملكه، وهو عزيز ذو انتقام. فأعملوا أنفسكم لما خلقكم الله له فإنّ الله لم يخلقكم إلّا لعبادته، فناصحوا الله ما استطعتم بولاية [٩٨ ب] أوليائه، وراقبوه في سرّ أمركم وعلانيتكم، واخشوا الله من كلّ قلوبكم، وتقرّبوا إليه بحسن أعمالكم فإنّكم لذلك خلقتم، وبذلك أمرتم، وعليه خصصتم، وله ابتغيتم، فإنّكم متى تواظبوا على ذلك تجدوا معه راحة من نصب الدنيا، وتراضوا بما قسم لكم منها، وتصبّروا على كلّ [١] ما منعتم من زينتها، فلا تغتروا [٢] بشيء من أمر الدنيا عما ينفعكم الله به في الآخرة، فإنّ العباد لو أعطوا الدنيا وما فيها من ملك ومال ثم لم يعرفوا الله فيما أعطاهم فيها حقّه الّذي اشترط لنفسه وأوجبه لأوليائه لم تزدد منهم إلّا بعدا، فاتقوا الله ما استطعتم، وقدّموا خيرا لأنفسكم، فإنّ الله تبارك وتعالى يقسم الرزق يوما بيوم، وعلى قدر ما قسم يطلب حقّ بعضهم من بعض لبعض. فاعرفوا حقّ الله واصبروا عليه، ولا تجعلوا دينكم وما عرّفكم الله من حقّه تبعا للدنيا فإنّما خلقت بلاء وفتنة، وضرب لها أجل إذا انتهى إليه ينفد [٣] ، فعليكم بالتوكل على الله فيما أوجب عليكم من حقّه فإنّه لم يخب من اعتصم باللَّه واتّقى وصبر على ما أصابه فإن ذلك من عزم الأمور، فإنّكم قد علمتم من العلم ما قد عظم به النعم وأبلغ إليكم في الحجّة، فإنّه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنّما يتذكر [٩٩ أ] أولو الألباب، فكذلك لا يستوي


[١] كررت «كل» في الأصل.
[٢] في الأصل: «فلا تغتدوا» .
[٣] في الأصل: «ينبذ» .

<<  <   >  >>