للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أتى أبا مسلم في السواد حية بن عبد الله المرئي [١] ، فقال له أبو مسلم: أنت أول من أتانا في السواد [١٣٣ أ] فلك أول صافية نستصفيها [٢] ، فكان أول ما [٣] استصفى قصر نصر بن سيار الّذي على باب دروازق سرخس فأقطعه حيّة، فهو اليوم يعرف بقصر حيّة.

وبلغ نصر بن سيّار اجتماع الشيعة وهو مشتغل بمحاربة علي بن الكرماني، فجمع ثقاته فشاورهم فيما بلغه عن أهل الدعوة، فأجمع رأيهم على أن يبعث إلى قرى خزاعة ومن لجأ إليها من أهل الدعوة فيبيّتهم ويأخذ رجالهم ورؤساءهم قبل أن يتفاقم أمرهم، فقال لهم سلم بن أحوز: كان هذا الرأي يوم أشرت عليكم أقوى، ولم يفتكم بعد. فلمّا اتّسقوا على ذلك قال لهم عقيل بن معقل: إن فعلتم ذلك خالفتكم أحياء اليمن ورأوا أنكم تريدون هضمهم وإذلالهم بدخولكم عليهم في منازلهم، ولا آمن أن يدعوهم ذلك إلى أن يدخلوا فيما دخل فيه القوم، ويسوّدوا كما سوّدوا، ولكني أرى أن تناظرهم وتبعث إليهم، فإن سهّلوا لكم الإقدام عليهم أقدمتم عليهم، وإن منعوكم عملتم على قدر ذلك، وما أهون شوكة هؤلاء إن كفّت عنهم اليمن وربيعة.

فبلغنا أنّ عاصم بن عمير السمرقندي قال لهم: لا يجيبكم والله ابن الكرماني إلى إسلامهم، والحيلة بينكم وبينهم أبدا، فانقضى المجلس على ذلك ولم يبرموا فيه رأيا. وبلغ ما كان من ناحيتهم فيما [١٣٣ ب] أرادوا به أبا مسلم ومن معه، فلقي سليمان بن كثير فشاوره في ذلك، فقال: أرى أن تبادر القوم قبل أن يبادروك، وتكاثرهم قبل أن يكاثروك، فإنّ أيسر مالك عند ابني


[١] انظر أنساب الأشراف ج ١١ ص ٤٨٧ وجمهرة أنساب العرب ص ٢١٤. وانظر ص ٢١٧ من هذا الكتاب.
[٢] في الأصل: «تستصيغها» والتصويب في كتاب التاريخ ٢٦٤ أ.
[٣] في الأصل: «من» .

<<  <   >  >>