فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ثم قال: أمّا بعد فإنّا قوم الله ربنا ومحمد صلى الله عليه وسلّم نبيّنا، والكعبة البيت الحرام قبلتنا، والرضا من آل محمد إمامنا، ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلّى الله عليه وسلم، وإحياء ما أحيا القرآن وإماتة ما أمات القرآن، [١٤٠ أ] والرضا من آل محمد، يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ الله وَآمِنُوا به يَغْفِرْ لَكُمْ من ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ من عَذابٍ أَلِيمٍ. وَمن لا يُجِبْ داعِيَ الله فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ في الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ من دُونِهِ أَوْلِياءُ ٤٦: ٣١- ٣٢ [١] ، فإن فعلتم فحظّكم أصبتم، لكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أبيتم وغلب عليكم الشقاء فنحن ندعوكم إلى الموادعة، فلا نبدؤكم بحرب حتى نؤذنكم ولا تبدءونا بحرب حتّى تؤذنوننا، ثم جلس. فقام سلم بن أحوز فقال: أصلح الله الأمير ائذن لي في جوابه، فقال نصر: اجلس. ثم قام ثانية فقال: ائذن لي في جوابه، فقال نصر: أجبه، ولا أراك تجيبه بما ينفع. فقال سلم: أمّا ما دعوتنا إليه من أمركم هذا فلا حاجة لنا فيه، وأمّا ما ذكرتم من سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فما أنتم وذاك؟ نحن أولى به منكم، نحن العرب وأبناء العرب، وأنتم علوج سفلة عبدة السنانير، وأمّا الموادعة فإن شئتم وادعناكم على أن تكونوا معنا على هذا المزدي، وإلّا فلا شيء لكم عندنا إلّا السيف.
ونظر منصور بن عمر إلى أبي الحكم فقال: من أيّ علوجنا أنت؟ فقال نصر:
أف لكم! ما أخوفني أن يصرعكم هذا القول والبغي. فقام أبو الحكم وصاحباه وهم يقولون: لا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، وحسبنا الله ونعم الوكيل. فلما خرجوا قال نصر ليحيى بن الحصين: ما تقول أيها الشيخ؟
قال: ما أرى بالموادعة بأسا. [١٤٠ ب] قال نصر: أجل والله ما أرى بها بأسا