للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه، فلم يجيبوه. ثم عاودهم فقال: وَمن أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى الله وَعَمِلَ صالِحاً وَقال إِنَّنِي من الْمُسْلِمِينَ ٤١: ٣٣ [١] . قال: فأغلظوا له وشتموه وقالوا: يا ساحر. فأقام يدعوهم إلى قبول الأمان نحوا من أربعين ليلة، وكان حريصا على استبقائهم، فأرسل إليهم: انكم من أهل مدرتنا، وأحقّ من أدركته عافيتنا، وقد ترون بلاء الله عندنا، فمن الآن فأجيبونا، وليكن أمرنا واحدا، فإنّ مروان ليس بأهل أن تقوه بأنفسكم. قال: فأبوا أن يجيبوه، فأرسل إليهم: إنّي إن دعوت أهل الشام إلى مثل ما دعوتكم إليه أجابوني، وصارت الحسرة بكم، فأبوا أن يجيبوه، فلما آيس منهم راسل أهل الشام. قال قحطبة ليزيد بن حاتم المهلبي: يا أبا خالد! هؤلاء الذين يأتونك [٢] على سور المدينة أهل فلسطين وصاحبهم فيما ذكر لي النضر بن حميد اللخمي، فأته وكلمه وادعه [١٧٣ ب] إلى قبول الأمان فلعله يأنس بك للعشريّة [٣] .

قال: فأتاه يزيد فذكر آثار مروان في قومه واستهانته بهم وإيثار غيرهم عليهم، ودعاه إلى الدخول في أمره وأعلمه ما له من الحظ في إجابته إلى دعوة آل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال النضر بن حميد: والله إنّي لأعلم أنّ الأمر كما ذكرت، ولكني إذا نظرت فلم أر عليّ نعمة إلّا من بني مروان تذمّمت من الغدر بهم، وقد تضايقت الأمور عليهم. قال يزيد: نفسك أوجب عليك حقا، فاتق الله وانظر لها، فإنّك قد أعذرت في وفائك لبني مروان، فقال: أمّا الدخول معكم فلا يكون ومن بني مروان خليفة، وأمّا الخروج عن مدينتكم هذه فإنّا نجيبكم إليه على أن تؤمنونا وتوثّقوا لنا، فرجع يزيد إلى قحطبة، فأعلمه ذلك، فأعطى قحطبة من بنهاوند من أهل الشام


[١] سورة فصلت، الآية ٣٣.
[٢] في الأصل: «تأتونك» .
[٣] في الأصل: «للعشرته» .

<<  <   >  >>