للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال معاوية: يا ابن عبّاس! طول حلمي جرّأه عليّ، فأنت الحاكم بيني وبينه. فقال ابن عباس: إني لأحبّ أن تعفيني من هذه الحكومة، فقال: والله لتفعلنّ. فقال ابن عبّاس: أمّا إذا أبيت إلا أن أفعل فسأفعل، وما توفيقي إلّا باللَّه، أراكما جميعا إنما احتججتما برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنا أحقّ بحقّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم منكما، لأني ابن عمّه دونكما، وأنا المظلوم فيما بينكما. فالتفت معاوية الى ابن جعفر فقال: أما تسمع لما يجيء به هؤلاء منذ اليوم؟ فقال ابن جعفر: إنّ حلمك يأتي من وراء ذلك. فقال معاوية: صدق فوك. وقطعوا الحديث وأخذوا في غيره.

أبو المنذر عن عوانة عن موسى بن عبد الملك أن معاوية بينا هو في مجلسه، وقد حضره رجال من قريش منهم عبد الله بن عباس وغيره من بني هاشم، فأقبل معاوية على القوم فقال: يا بني هاشم! لم تفخرون علينا؟ أليس الأب [٢٣ ب] واحدا والأم واحدة والدار واحدة؟ فقال ابن عباس: نفخر عليك بما أصبحت تفخر به على سائر قريش، وتفخر به قريش على الأنصار، وتفخر به الأنصار على العرب، وتفخر به العرب على العجم، برسول الله صلى الله عليه وسلّم، بما لا تستطيع له إنكارا ولا منه فرارا. فقال: يا ابن عباس! لقد أعطيت لسانا ذربا [١] ، تكاد تغلب بباطلك حقّ سواك. فقال ابن عباس: إن الباطل لا يغلب الحقّ، فدع عنك الحسد فبئس شعار الحسد.

فقال معاوية: صدقت، أما والله إني لأحبّك لأربع مع مغفرتي لك أربعا، فأمّا التي أحبّك لهنّ: فقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، و [الثانية] [٢] أنك من أسرتي وأهل بيتي من بني عبد مناف، والثالثة أنك


[١] في الأصل «درب» ، والذرب: السليط.
[٢] زيادة من كتاب التاريخ ص ٢٤٠ ب.

<<  <   >  >>