للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاسم الملك الّذي يسوق السحاب وصوته زجره، وأمّا المجرّة: فأبواب السّماء، ومنها يفتح الله الأبواب، وأمّا المحو الّذي في القمر، فقول الله جلّ وعزّ: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ١٧: ١٢ [١] ، ولولا ذلك المحو لم يعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل.

قال: فبعث بها معاوية إلى قيصر، وكتب إليه بجواب كتابه، فقال قيصر: ما يعلم هذا إلّا نبيّ أو رجل من أهل بيت نبيّ. قال: قال معاوية ذات يوم وعنده ابن عبّاس: يا أبا العبّاس إنه قد ضربتني أمواج القرآن البارحة في آيتين لم أعرف تأويلهما ففزعت إليك، قال: وما هما؟ قال: قوله وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ٢١: ٨٧ [٢] ، فقلت: سبحان الله أيظنّ نبيّ الله ألّا يقدر عليه وأنّه يفوته إذا أراده، ما يظنّ هذا مؤمن، وقوله: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا ١٢: ١١٠ [٣] ، فقلت: سبحان الله كيف هذا؟ أن ييأس الرسل من نصر الله [٢٧ أ] ويظنّون أنّهم قد كذبهم ما وعدهم، إنّ هاتين الآيتين لهما خبر من التأويل لا يعلمه أحد.

فقال ابن عبّاس: أمّا يونس فظنّ أن تبلغ خطيئته أن يقدر الله بها العذاب عليه فلم يشك أنّ الله إذا أراده قدر عليه، فهو قول الله جلّ وعزّ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ٢١: ٨٧. وأما قوله حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وظنوا أنّ من أعطاهم الرضا في العلانية قد كذبهم في السرّ وذلك لطول البلاء عليهم، ولم يستيئس الرسل من نصر، ولم يظنوا أنّه قد كذبهم ما وعدهم. فقال معاوية:

فرّجت الكرب عني فرّج الله عنك. فقال ابن عباس: فإن رجلا قام من عندي قرأ عليّ قول الله عزّ وجلّ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً ٢: ٢٢٢


[١] سورة الاسراء، الآية ١٢.
[٢] سورة الأنبياء، الآية ٨٧.
[٣] سورة يوسف، الآية ١١٠.

<<  <   >  >>