للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنّبوّة، وبالمقال في الجاهلية، وآباؤنا القدماء [١] القراسية، فزعمت أنّا قد قعدنا قعود العبيد بين أيدي مواليها وكيف يكون ويلك الذنب [٢] رأسا، ضربكم عمّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ورجال قومي، على حقيقة هذا الدين والإقرار باليقين، ضربا أزال الهام عن مقيله وأثكل الأمهات أولادها، فأدخلكم في الدين كرها، فلما قيض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كنّا ورثة علمه وخزانة كتبه، فأمرنا الناس بالبيعة فبايعوا، ومنهم أبوك [٣] ، لولا ذلك ضاقت به الأرض ولم تنجه البحار [٤] ، وكانت حاله حالك يوم الجمل، حيث ولّيت غدرا [٥] وجبنا، فضاق عليك الفضاء الواسع. فأنّى أنت من آبائي القراسية الكبار، أطلب مذودا وكن راعيا، فلست من رجالات بني أمية، ولم تبلغ فخر بني عبد المطلب. ثم التفت إلى الوليد فقال: ما أنت يا وليد والكلام في قريش، ادّعيت والدا أنت أكبر سنا منه، وأبوك رجل من أهل صفورة [٦] يقال له [٣٣ ب] فروخ، فأثبت نسبك في العرب، فلمّا استمكنت ممّا أردت صرت لا ترضى حتى تجاري أبناء الأنبياء، وتذرع [٧] في منطقك وتقول بالإفك والخنا، ما لك في العرب أسّ فتبني عليه، ولا بنيت على أصل ثابت، فأنت كالمذبذب بين ذلك، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، تبّت يداك، عبت قوما لا يحلّ بساحتهم العار، ولا تجزي بفنائهم الدناءة والذل، نجب بها ليل، سراة مذاويد، يا لها وجوها عفّرت بالثرى، ما أكرم فعالها


[١] كررت كلمة «القدماء» في الأصل مرتين.
[٢] في الأصل: «الذيب» .
[٣] زيادة يقتضيها السياق، والإشارة التالية إلى الحكم بن أبي العاص بن أمية. انظر أنساب الأشراف (باعتناء محمد حميد الله) ج ١ ص ١٥١.
[٤] في الأصل: «ولم ينجه من البحار» .
[٥] في الأصل: «غادرا» .
[٦] في معجم البلدان ج ٣ ص ٤١٤: صفورية، كورة وبلدة من نواحي الأردن، بالشام، وهي قرب طبرية. وانظر ابن خرداذبه ص ٧٨.
[٧] في الأصل: «تدرع» وتذرع أي تفرط.

<<  <   >  >>