للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكّرت عند ما أنكر من أعمالنا، وكره من أفعالنا؟ فالعجب كل العجب لمن ينسبنا إلى ما أصبح فيه، ويدّعي علينا ما كان منه. كلّا ليس ذلك كذلك، نحن باللَّه أعرف، وله أخوف من أن نتعرّض لسخطه بالتعدّي عمّا أمر به، أو المقارفة لما [١] نهى عنه، ولكنه تبارك وتعالى أراد أن يعظم لنا الأجر بما يلهمنا من الصبر، ويوفقنا له من الشكر، ويحقّ القول على الظالمين، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون، ثمّ تمثل فقال:

وهل هي إلّا مدّة سوف تنقضي ... ويرجع فينا الأمر والأنف راغم

قال أبو المنذر هشام بن محمد الكلبي [٢] : قال عيسى بن طلحة: حضرت [٤١ أ] من ابن عبّاس محضرا ما حضرته من قرشي قط، قال: كان مروان ابن الحكم يأذن للناس بعد العصر، وكان ابن عبّاس يجلس على منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند رأسه وابن [٣] الزبير فيأتي فيجلس على وسادة عند رجليه، فحضرنا عشية من ذلك، فإذا منبر عند رجل مروان مقابل الستر الّذي عند رأسه، فجاء ابن عباس فجلس مجلسه وجاء ابن الزبير فجلس، وأنصت مروان، وأنصت الناس، ونظرنا إلى يدي ابن الزبير ترعد، فعرفنا أنه يريد أن يتكلم، فقال: إنّ أناسا قالوا: إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة على غير تواطؤ، وإنّ أمر أبي بكر كان أعظم من أن يقال له مثل هذا، ولعنة الله على من قاله، والله ما كان من أحد خيرا من أبي بكر ولا أفضل سابقة، فأين الذين يقولون مثل هذا حين حضرت أبا بكر الوفاة واستخلف عمر، فلم يكن إلّا ما قال أبو بكر، ثمّ حضرت عمر الوفاة فألقى حظّهم


[١] في الأصل: «عما» .
[٢] جاء هذا الخبر، مع بعض الاختلاف، في شرح نهج البلاغة ج ٢٠ ص ١٣١- ١٣٢، عن عثمان بن طلحة العبدري.
[٣] انظر شرح نهج البلاغة ج ٢٠ ص ١٣١.

<<  <   >  >>