الرسول صلى الله عليه وسلم عند أهل الكتاب أنه {أْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}(الأعراف آية ١٥٧) .
ثم إنه من لطف الله ورحمته أيضا بخلقه أنه ما حرم عليهم شيئا إلا أعطاهم البديل الواسع والعوض الطيب الذي يسد مسد الحرام ويغني عنه.
قال الإمام ابن القيم:"ما حرم الله على عباده شيئا إلا عوضهم خيرا منه، كما حرم عليهم الاستقسام بالأزلام وعوضهم منه دعاء الاستخارة، وحرم عليهم الربا وعوضهم منه التجارة الرابحة، وحرم عليهم القمار وأعوضهم منه أكل المال بالمسابقة النافعة في الدين بالخيل والإبل والسهام، وحرم عليهم الحرير وأعوضهم منه أنواع الملابس الفاخرة من الصوف والكتان والقطن، وحرم عليهم الزنا واللواط وأعوضهم منها النكاح الحلال بصنوف النساء الحسان، وحرم عليهم شرب المسكر وأعوضهم عنه بالأشربة اللذيذة النافعة للروح والبدن، وحرم عليهم سماع آلات اللهو ومن المعازف والمثاني، وأعوضهم عنها بسماع القرآن والسبع المثاني، وحرم عليهم الخبائث من المطعومات وأعوضهم عنها بالمطعومات الطيبات.. ومن تلمح هذا وتأمله هان عليه ترك ما حرمه الله ونهى عنه، وعرف حكمة الله ورحمته وتمام نعمته على عباده فيما أمرهم به ونهاهم عنه، وفيما أباحه لهم، وأنه لم يأمرهم به حاجة منه إليهم، ولا نهاهم عنه بخلا منه تعالى عنهم، بل أمرهم بما أمرهم ‘حسانا منه ورحمة، ونهاهم عما نهاهم عنه صيانة لهم وحمية ١ فلك الحمد ربنا على ما أنعمت وأوليت {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(المائدة آية ٦) .