[رابعا: الإصلاح والتأديب عن طريق العقوبات بالحدود]
وهذا جانب رعته الشريعة وقررته كسبيل من سبل الإصلاح والتقويم للنفوس المعوجة والفطر المنحرفة.
وينبغي أن يعلم أن الإسلام لا يعتمد على العقوبة في إنشاء الحياة النظيفة بين الناس، ولا يتخذها الوسيلة الوحيدة لذلك، وإنما يعمل على الوقاية من الجريمة ومحاربتها بالضمير الوازع، والنفس المهذبة، والسلوك القويم، وتوفير أسباب الحياة النظيفة لكل الناس، فمن ارتضى هذه الأسباب واتخذها منهج حياته ارتقى وعز بالإسلام وسعد بالمجتمع وسعد به مجتمعه، ومن هجر هذه الأسباب ونفر منها وسعى في الأرض فساداً دون رادع من خلق أو وازع من ضمير فحق للإسلام أن ينزل به عقابه ليحمي الناس من شروره، ويوفر للمجتمع أمنه واستقراره"١.
ولقد سلكت الدعوة في سبيل المحافظة على مقاصدها أمرين:
الأول: رعايتها من جانب الوجود، فأداء العبادات والقربات يحفظ على الدين بقاءه ونماءه..
والثاني: رعايتها من جانب العدم وذلك بدفع ما يؤدي إلى اختلالها أو الاستهتار بها والعقوبات تحفظ الشعائر من جانب العدم كالحدود والتعازير وغير ذلك من صور التأديب، وهناك ناس لا يبالون بحل ولا حرمة، ويكرعون من الخمر كيف شاءوا ويعبون من المسكرات كما أرادوا دون رادع من خلق أو وازع من ضمير وهؤلاء لابد أن يلقوا جزاءهم وأن يؤدبوا على سفههم.
وقد أجمعت الأمة على عقوبة شارب الخمر سواء شرب كثيراً أو قليلا لقول الرسول