فيكون اللفظ شاملاً للنساء والرجال وقد حُكي هذا عن ابن حزم، والراجح أنه من باب التغليب.
اللطيفة الثالثة: في التعبير بالإحصان إشارة دقيقة إلى أن من قذف غير العفيف (من الرجال أو النساء) لا يحد حد القذف، وذلك فيما إذا كان الشخص معروفاً فجوره، أو اشتهر بالعبث والمجون، فإن حد القذف إنما شرع لحفظ كرامة الإنسان الفاضل، ولا كرامة للفاسق الماجن، فتدبر السر الدقيق.
اللطيفة الرابعة: حكم الله تعالى على قاذف المحصنة (العفيفة) بثلاث عقوبات.
١ - الجلد ثمانين جلدة عقوبة له.
٢ - إهدار الكرامة الإنسانية برد الشهادة.
٣ - تفسيق القاذف بجعله في زمرة (الفسقة) .
ولم يحكم في الزنى إلا بالجلد مائة جلدة للبكر، وفي ذلك دليل على خطورة هذه التهمة، وعلى أن القذف من الكبائر، وأن جريمته عند الله عظيمة.
اللطيفة الخامسة: قوله تعالى {وَأَصْلَحُواْ} وفيه دليل على أن التوبة وحدها لا تكفي، بل لا بد من ظهور أمارات الصلاح عليه، فإن هذا الذنب مما يتعلق بحقوق العباد ولذلك شدد فيه.
قال الرازي: قال أصحابنا إنه بعد التوبة لا بد من مضيِّ مدة عليه لظهور حسن الحال حتى تقبل شهادته وتعود ولايته، ثم قدَّروا تلك المدة بسنة كما يضرب للعنيّن أجل سنة.
اللطيفة السادسة: قال ابن تيمية: ذكَرَ تعالى عدد الشهداء، وأطلق صفتهم، ولم يقيدهم (ممن نرضى) ولا (من ذوي العدل) لكن يقال: لم يقيدهم بالعدالة وقد أمرنا الله أن نحمل الشهادة المحتاج إليها لأهل العدل والرضى لقوله {وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا}[الأنعام: ١٥٢] وقوله: {كُونُواْ قوامين بالقسط}[النساء: ١٣٥] وقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ}[المعارج: ٣٣] فهم يقومون بها بالقسط لله فيشترط هنا ما اشتُرط هناك.