عند الهزيمة في اسطاويلي (١٩ يونية عام ١٨٣٠) هرب ابراهيم من الميدان وترك خلفه الجيش والخيام، والفرقة الموسيقية والأعلام. وقد اختفى في دار ريفيه مع بعض خدمه. وبدل أن يعزله حسين باشا في الحين ويعين خلفا له يعيد الروح المعنوية للجيش ويواجه به العدو الزاحف، أرسل حمدان خوجة إليه الذي كان موضع ثقته ليحاول إقناعه بضرورة استلام القيادة من جديد. وقد وجده خوجة محطم المعنويات منكسر القلب.
وبصعوبةكبيرة أقنعه بضرورة الاستمرار في مهمته. ولكن الأغا الذي كان طفلا في تصرفاته لم يستطع أن يواصل مهمته. فعندما تقدم الجيش الفرنسي من أسطاويلي مارا بمعسكر سيدي خلف اختفى ابراهيم من جديد.
وأمام ذلك عزله حسين باشا ودعا المفتي (١) وأعطاه سيفا وأمره بحمع الشعب وإقناع الناس بالجهاد دفاعا عن البلاد. كان المفتي رجلا فاضلا ولكنه كان صالحا للإفتاء لا للقيادة ومن جهة أخرى أحاط به بعض رجال الحضر وحاولوا إقناعه بأن الأمل ضعيف في النجاح، وأن الباشا يخوض معركة خاسرة، وأن (الشعب بدون قائد). وفي نفس الوقت كان الجيش الفرنسي يقترب من قلعة (مولاي حسن)(قلعة الامبراطور)، فزاد ذلك الأفكار بلبلة والأمل بنجاح المقاومة بعدا. أما قيادة الجيش فقد تولاها الباي مصطفى بومزراق. ولكن تبديل القيادة في مثل تلك الظروف لم يكن يدل على الحكمة وبعد النظر. ورغم أن القائد الجديد كان يمتاز بالشجاعة والتجربة فإنه اكتفى بجمع الغنائم واختيار البنادق الطويلة لإطلاق الرصاص بنفسه على الفرنسيين.
ومما زاد الأمر سوءا أن حسين باشا كان يثق في وزير ماليته (الخزناجي) الذي كان في الواقع يتآمر عليه. وكان الخزناجي طموحا
(١) هو محمد بن العنابي الذي نفاه كلوزيل فيما بعد. (أنظر فصل حضر الجزائر).