للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الهدف هو رسم بعض الصور لبعض أفرادها لمعرفة مواقفهم نحو غيرهم، ومواقف غيرهم منهم. وهؤلاء الأفراد يختلفون بلا شك ثقافة وحيوية وهدفا، وهناك عدد كبير منهم كان يمكننا الحديث عنه، ولكننا قررنا الحديث بصفة عفوية عن مصطفى بن عمر، وابنه حمدان بن أمين السكة ومحمد العنابي، وأحمد بوضربة، وحمدان خوجة. ونحب أن نذكر بأن ما سنقوله عن كل منهم ليس ترجمة شخصية له بالمعنى التقليدي، بل هو عبارة عن دراسة لبعض مواقفه من الاحتلال ومن وضع مواطنيه عندئذ. وهذه الدراسة لا تهدف إلى فهم موقف الفرد المدروس بقدر ما تهدف إلى فهم العلاقة بين الجزائريين والسلطات الفرنسية في بداية الاحتلال.

يذكر خوجة أن كلوزيل قائد الجيش الفرنسي بعد بورمون، قد طلب من أعيان مدينة الجزائر قائمة بأسماء العائلات الكبيرة في المدينة ليعين منها بايا على إقليم التيطري، وبعد تقديم القائمة اختار كلوزيل منها مصطفى بن الحاج عمر ليكون بايا خلفا للباي مصطفى بومزراق الذي خلعه الفرنسيون لثورته ضدهم (١). وبناء على خوجة أيضا فان ابن عمر كان قريبا من امرأة الداي حسن باشا الجزائر الأسبق (٢)، ويبدو أن ابن عمر كان قليل الخبرة، وأنه لم يسع إلى هذا المنصب ولكن المنصب سعى إليه، وأنه، كبعض زملائه قد قبله كرها. وقد كانت أمامه مشاكل لا تحصى. فكان عليه أن يواجه ثورة الباي السابق ثم ثورة ابنه (ابن بومزراق)، وأن يواجه شكوك وثورة أهل الإقليم الذي تولى عليه والذي كان من أفقر الأقاليم، وأن يواجه أخيرا ضغط الفرنسيين الذين ينتظرون منه إخضاع الإقليم إليهم


(١) المرآة ص ٢٤٤، ويذكر دي رينو أن تعيين ابن عمر قد تم بقرار من المجلس البلدي لمدينة الجزائر صادر بتاريخ ١٥ نوفمبر - ١٨٣٠. انظر (أخبار الجزائر) ص ١٣٤.
(٢) المرآة ص ٢٤٤.

<<  <   >  >>