للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الجزائر بينما تمنح لهم الأوسمة في باريس. وكان ابن عمر إذ ذاك يبلغ ٤٧ سنة وكان يتقن الفرنسية، وكان يلبس لباس أهل الحضر ويطعم الفقراء.

وإذا كان الحاج ابن عمر قد ولاه الفرنسيون منصب الباي فان ابنه، حمدان بن أمين السكة قد ولوه منصب (أغا العرب) (١) ويبدو أنه بوصية من بوضربة (الذي كان محل ثقة بورمون) عينه بورمون، القائد الأعلى للجيوش الفرنسية، في ذلك المنصب. كان ابن أمين السكة تاجرا، من حضر الجزائر الذين لا يخرجون من المدينة إلا نادرا. ولسوء الحظ أننا لا نعرف إلا القليل عن حياته قبل مجىء الفرنسيين ويذكر الفرنسيون، بعد سقوط أسهمه في أعينهم، أنه كان شرها وغير أمبن، وأنه لم يكن يعرف البلاد، وبالتالي لم يكن يعرف مهمته. ومن جهة أخرى كانت شجاعته محل شك لديهم (٢). ويتسائل المرء عن فائدة تعيينه في منصب هام كالذي أسند إليه ما دام غير مؤهل للقيام به. وعلى أية حال فقد فشل في مهمته، على الأقل في نظر الفرنسيين، لأنه لم يستطع أن يجعل عرب سهل متيجة ينسون أنه تاجر وأنه من الحضريين ولأنه لم يعد محل ثقة لديهم (٣).

كان سهل متيجة الذي عين حمدان بن أمين السكة للإشراف عليه باسم الفرنسيين مقسما إلى عدة أوطان، وعلى كل وطن قائد يأتمر بأمر الآغا.

وأهم هذه الأوطان هي: وطن بني خليل وعلى رأسه الشرقي، وطن بني موسى وعلى رأسه أوشفون، وطن الخشنة وعلى رأسه العمرى، وطن السبت وعلى


(١) هدذا ذكره دي رينو، وهو من خبراء الجزائر لأنه تولى مسئولية (المكاتب العربية) (البير آرب) مدة طويلة. أنظر ص ١٣٤، ولكن العلاقة بين الرجلين ما زالت غير واضحة.
(٢) نفس المصدر، ص ١٠٠ والواقع أنني إلى الآن غير مطمئن إلى الصلة المذكورة بينه وبين مصطفى بن عمر.
(٣) الظاهر أن فشله لا يعود إلى كونه حضريا ولكن إلى كونه كان يمثل الفرنسيين.

<<  <   >  >>