للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك بالتنكر إلى ما كان عليه أسلافه، فهو قد اعتنق المذهب الاشتراكي الشيوعي ويدعو إليه لا حبا فيه، ولا إيمانا به، وإنما لقصاء مآربه، فيتظاهر به، وينادي إليه على حد قول المثل: (إذا وجدت قوما يعبدون حمارا فعليك بتقديم الحشيش) فالذي يقدم الحشيش للحمار المعبود غير مؤمن بألوهيته، إنما فعل ذلك ليزداد تقربا إلى عابدي الحمار حتى يرضوا عنه.

فالاشتراكية - وكلها شيوعية - ولا أستثني منها بلدا دون بلد للواقع المكشوف - توجه نقدها واعتراضها إلى الأديان السماوية، محاولة بذلك أن تظهرها بمظهر العاجزة عن حل مشاكل العباد - والحياة كلها مشاكل - القصيرة النظر عما يحدث للبشر من مشاكل وأتعاب، والحقيقة التي لا تخفى على أحد هي أن مشاكل العباد إنما نشأت عن إهمال العباد لوصايا الأديان السماوية، وعدم العمل بما جاءت به قوانينها، لا من الأديان نفسها، فهذه هي الحقيقة، وإن حاول طمسها المغرضون، إن الشيوعية تدعي لنفسها - والواقع لا يصدقها - أن فيها كل أنواع العلاج لجميع مشاكل البشرية، ولهذا فهي تستطيع أن تقضي على ما أخر البشرية - في زعمها - أزمانا ودهورا ... فهي قد تحل بعض المشاكل - حسبما تدعي - ولكن بقوة الحديد والنار والقهر والقوة.

إن الواقع كشف عن إفلاسها في كل ميادين الحياة، وإن لم تعترف هي بذلك، ولولا فرضها نفسها بالقوة والخداع على بعض الشعوب الضعيفة لما بقي لها ذكر، وقد ظهر عجزها أخيرا في تقربها لأمريكا الرأسمالية.

وبناء على جرأتها في نقدها واعتراضها على الأديان، واستهزائها بها - كما مرت الإشارة إليه سابقا - فهل في صدر الاشتراكية سعة لتلقي النقد الصحيح والصريح من لدن من لا يؤمن بها - لأنها خرافة -؟ وهل تتقبل ذلك بصدر رحب .. ؟ وقد يجيء النقد والاعتراض حتى من الذين يؤمنون بها ... وهل تفتح أذنيها لتسمع أقوال غير الشيوعيين، مظهرين عجزها في تشريعها وفي حلها للمشاكل، بل هي صاحبة المشاكل؟ لعلها تقبل ذلك إذا تجردت من جبروتها وغطرستها - وهذا ما لا يكون منها - فيوجه إليها النقد كما توجه هي اعتراضها ونقدها للأديان الإلهية، وإظهارها بمظهر العاجز، بل ونعتها بكل أنواع النعوت الحقيرة، المنفرة منها ... ؟

<<  <   >  >>