للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كرسيه وهو ذليل، وتحكم وتنفذ حكمها - تماما - كالملوك العادلين في أحكامهم، وقديما لقبت بـ (صاحبة الجلالة) - وكفى - فهل يعرف هذا - أيضا هؤلاء الصحافيون الأغرار المحترفون .. ؟؟

إن الصحفي الحر النزيه لا يرضى أن يكون أجيرا لأحد، وأكثر صحافيينا أجراء لإدارة الصحيفة، فهم لا يكتبون إلا ما يرضي إدارة الصحيفة ومن كان وراءها.

وإني أذكر - هنا وبهذه المناسبة - كلمة كان قالها زعيم مصر العظيم المرحوم سعد زغلول - يوم كانت الصحافة حرة ونزيهة، وكانت الصحافة المصرية - فيما أذكر - تكتبها - فيما مضى من الزمن - بحروف بارزة تحت اسم الصحيفة كشعار لها ولمهمتها العظيمة، وهذه الكلمة هي: (الصحافة حرة، تقول في حدود القانون ما تشاء وتنتقد من تريد، فليس من الرأي أن نسألها: لم تنتقدنا؟ بل الواجب أن نسأل أنفسنا لم نفعل ما تنتقدنا عليه؟).

هذه كلمة مسؤول عظيم، وزعيم كبير، قالها يوم كانت الصحافة حرة يملكها الأفراد - لا الحكومات - ينورون بواسطتها الرأي العام والحكومات، حتى يكون الجميع على علم بما يجري فوق تراب الوطن، وفي العالم كله، هذه هي الحقيقة التي يجب ألا تخفى على من وضع نفسه موضع من تقدمت صفته من ذوي الرأي الناضج، والفكر النير، وإلا كانوا كمن قال فيهم القائل القديم:

أما لخيام فإنها كخيامهم ... وأرى (١) رجال الحي غير رجاله

أو قوله الآخر:

لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها وحتى سامها كل مفلس

[الفصل الرابع: الصحافة وحماة الدين.]

إذا ما هب حماة الإسلام والأخلاق الكريمة ينكرون الإلحاد الذي رفع رأسه وصوته، ويدافعون عن العقيدة والفضيلة المهانة، والكرامة المداسة،


(١) وفي بعض الروايات: وأرى نساء الحي غير نسائها.

<<  <   >  >>