للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} (١) وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (٢) هذا هو القرآن الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (٣) وهذا هو أثره وتأثيره في النفوس المؤمنة المطمئنة لا تهوك فيها ولا اطراب {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.

وقال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية، ذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس، فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات، على أشرف الرسل بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض، وابتدئ إنزاله في أشرف شهور السنة وهو رمضان، فكمل من كل الوجوه. اهـ.

فهل يليق بالمسلم الصادق أن يترك القرآن ويلغي أحكامه؟ وهو الذي أحاط به الشرف من كل جانب، وهو حبل الله المتين، ويتشبث بخيوط هي أوهى وأضعف من خيط العنكبوت، كما هي معرضة في كل وقت وحين للتغيير والتبديل.

إن المتتبع لما جرى ويجري في بعض الأوطان العربية الإسلامية من صدود وإعراض عن كتاب الله القرآن وإهمال لما فيه من أحكام هي عين الحق والعدل، وترك لشريعة الله وتعويضها بقوانين البشر الكفرة - ليدرك مدى السقوط والضلال، والهوة السحيقة التي وقع فيها بعض "المتهوكين" ممن يسمون أنفسهم مسلمين - وما هم في الحقيقة بالمسلمين - لأن الإسلام لا يكتفي - من المسلم - بالانتساب إليه فقط قولا بلا عمل، فالإسلام رفع شأن العرب الأوائل بالعمل به إلى أن جعلهم قدوة حسنة لمن هم في زمانهم من الشعوب ولمن جاء بعدهم من الأمم.

فجاء من بعدهم قوم من ذريتهم أضاعوه ونسوه، فلم يقيموا له وزنا


(١) الآية ١٢٠ من سورة هود.
(٢) الآية ١١١ من سورة يوسف.
(٣) الآية ٤٢ من سورة فصلت.

<<  <   >  >>