للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا ينكر على الخطيب الواعظ إلا جاهل مغرور أو صاحب نية سيئة نحو الدين والفضيلة والوطن.

الحقيقة أن البعض من ولاة المسلمين تنقصهم التربية الدينية الإسلامية حتى يكونوا في مستوى أمتهم، وقد لاحظنا - فيما لاحظناه - أن البعض من حكام المسلمين الذين يتولون مناصب عليا في دولهم يداخلهم الغرور بالنفس والكبرياء على الناس، ولعلهم يظنون أنفسهم أنهم صاروا ملوكا مستبدين، لا يرد عليهم قول ولا يوجه إليهم لوم، أو لعلهم صاروا أكثر من الملوك، وهذا ناتج عن انعدام التربية الإسلامية الصحيحة، ولو عرفوا حقيقة أنفسهم لما جاوزوا بها درجتها، إذ هم من الشعب الذي يتولونه، وكم نحن في حاجة إلى التربية الإسلامية التي تأمر حكام المسلمين بالتواضع وخفض الجناح لعامة أفراد الأمة، ولنذكر هنا مثالا من التربية الإسلامية:

ذكروا أن سلمان الفارسي كتب إلى أبي الدرداء - رضي الله عنهما - لما ولي هذا الأخير القضاء من قبل معاوية رضي الله عنه: (بلغني أنك جعلت طبيبا تداوي، فإن كنت تبرئ فنعما، وإن كنت متطببا فانظر أن تقتل إنسانا فتدخل النار). فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ثم أدبرا نظر إليهما ثم قال: (ارجعا إلي أعيدا علي قضيتكما متطبب - والله -). فما كتب به سلمان الفارسي إلى أخيه أبي الدرداء - وهما صحابيان جليلان آخى بينهما الرسول صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهما يعد من باب النصيحة للوالي، فلا غضاضة فيها عليه، لهذا تقبلها أبو الدرداء بالرضى والاعتبار، وعمل بها العالم الفقيه الورع.

فأين نحن الآن من هذه التربية الإعلامية الرفيعة الغالية، إلى التربية الإلحادية التي تدخل الغرور والصلف والكبرياء على الحكام منا، حتى ظن البعض منهم أن الأمة ملك لهم يتصرفون فيها حسب رغباتهم وشهواتهم، لا ينازعهم فيها وفي توجيهها أحد سواهم، حتى صاروا كالأوثان تعبد من دون الله، تطاع ويعصى الله، ترضى ولا بأس بغضب الله.

فاللهم رفقا بعبادك المسلمين، ممن: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} قرابة ولا عهدا.

<<  <   >  >>