للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيع العنب ممن يتخذه خمرا لوعيد البائع بالنار، وهو مع القصد محرم إجماعا، فما حرمه الله ورسوله فهو حرام ليس لأحد من الناس أن يحله، ومن تعمد المخالفة فقد رضي لنفسه بالدخول إلى نار جهنم واقتحامها عن عمد وإصرار، فالممنوع ممنوع تعاطيه إلا لضرورة ملحة خشية أن تذهب معها روحه، أما الأعذار الأخرى ككونها مادة وموردا ذا بال في ميزانية الدولة، أو كون المستعمرين هم الذين غرسوا شجرتها وأنتجت وقلعها الآن يؤدى إلى خسارة في المال إلى غير هذا من الأعذار فهي كلها باطلة، لا ينسخ الشرع بها، وتوقف أحكامه بسببها.

التداوي بالخمر - وهل يجوز للمسلم أن يستعمل دواء فيه خمر؟

ذلك ما ورد النهي فيه عن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج مسلم في صحيحه وأبو داوود في سننه، أن طارق بن سويد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر يصنعها للدواء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنها ليست بدواء ولكنها داء)) (١) وفي هذا المعنى ما أخرجه البيهقي عن أم سلمة رضي الله عنها -، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم)) (٢) وجاء في بعض الروايات بيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بين فيه أن الخمر لا منفعة فيها بعد أن حرمها الله فقد جاء في هذه الرواية قوله: ((إن الله تعالى لما حرم الخمر سلبها المنافع)) (٣) وهذا كأنه رد على من يعتمد على ظاهر الآية القرآنية وحدها، وهي قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (٤) فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله نزع من الخمر جميع المنافع بعد أن حرمها على المسلمين، فلا منفعة فيها لا للتداوي ولا لغيره.

وأخرج الإمام مالك في الموطأ عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: أهدى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر (٥) فقال له رسول


(١) بلوغ المرام ج ٤ الحديث ١٢ في باب حد الشارب وبيان المسكر.
(٢) نفس المصدر ج ٤ الحديث ١١.
(٣) المصدر نفسه أسنده الثعلبي وغيره.
(٤) الآية ٢١٩ من سورة البقرة.
(٥) الراوية - القربة.

<<  <   >  >>