للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي سنوات الكفاح المرير الشديد، قام المستعمر الفرنسي بالبحث والتنقيب عن البترول في صحرائها، فوجده - فيها - بجميع أنواعه ومحتوياته، وتدفق في الأرض الجزائرية، وصار يصدر منها ويباع في الأسواق العالمية، ويدر على خزينة الدولة - وعلى شركاته - بأرباح كثيرة، زادت بمر السنين، وبتحسين وسائل العمل والإخراج والاستغلال، هذا واقع لا ينكر، ومحل العبرة ظاهر فيه لمن تدبر.

ذلك أن الله العالم بما تحمله الأيام في أحشائها، وما تخفيه السنون في طياتها، قد سبق علمه كل شيء، ففي العثور على الغاز وإخراجه والانتفاع به تنبيه للغافلين منا، فكأن الله قال لنا: قد علمت من حربكم أنكم على حق، وأنكم ستنالون حقكم الذي قمتم تطالبون به، فها أني قد هيأت لكم ما فيه الغناء لكم في أرضكم، ورزقتكم من الحلال الذي لا تبعة فيه، ولا ذنب يترتب عليه، أعطيتكم كنزا كبيرا - ادخرته لكم - وذخرا عظيما، أعطيتكم الغاز في أرضكم، فإذا وصلتم إلى ما تحبون، ونلتم ما تبغون - وهو استقلالكم - وفزتم بحرية بلادكم، فالغاز يكفيكم عن شجرة الخمر الملعونة التي غرسها المستعمر الكافر الجاحد في أرضكم، فاقتلعوها، وأزيلوا جذورها، فإن الشر كل الشر فيها وفي محصولها، فلتكن لكم الكفاية فيما رزقتكم به من الحلال فاعتبروا بهذا يا أولي الأبصار .. ولكن أين من يعتبر ويدكر؟ ورد في بعض الأدعية المأثورة هذا الدعاء، وفيه تعليم لنا جميعا، وتنبيه للساهين: ((اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك)) (١) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا: ((كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به)) - وفي رواية: ((كل جسد نبت من سحت)) (٢).


(١) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن، أصله أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير وأبو نعيم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وله قصة.

<<  <   >  >>