للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصُّلْحَ حين بعثوا هذا الرجل» . فوقع الصلح عَلَى أن توضع الحرب بينهما عشر سنين، وأن يخلُّوا بينه وبين مكة من العام المقبل، فيقيم بِهَا ثلاثًا، وأنه لا يدخلها إلّا بسلاح الراكب والسيوف فِي القِرَب، وإنّه من أتانا من أصحابك بغير إذْن ولِيِّه لم نردّه عليك، ومن أتاك منّا بغير إذن وليّه رددته علينا، وأنّ بيننا وبينك عَيْبَةٌ مكفوفة [١] ، وأنه لا إسلال ولا إغلال. وذكر الحديث.

الإِسلال: الخفية، وقيل الغارة، وقيل سلّ السيوف [٢] والإِغلال:

الغارة.

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشْرِكِي مَكَّةَ كَتَبَ كِتَابًا: «هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» .

قَالُوا: لَو عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ نُقَاتِلْكَ. قَالَ لِعَلِيٍّ: «امْحُهُ» . فَأَبَى، فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَكَتَبَ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمُوا ثَلَاثًا، وَأَنْ لَا يَدْخُلُوا مَكَّةَ بِسِلَاحٍ إِلَّا جُلُبَّانَ السِّلَاحِ، يَعْنِي السَّيْفَ بِقِرَابِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [٣] .

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ أو قريبا منه.

أخرجه مسلم [٤] .


[١] عيبة مكفوفة: أي مشرحة معقودة، ويكنى بالعيبة عن الصدور والقلوب. يريد أنّ الشرّ بيننا مكفوف كما تكلّف العيبة إذا أشرجت.
[٢] قال السهيليّ: الإسلال: السرقة والخلسة ونحوها، وهي السلة، قالوا في المثل: الخلة تدعو إلى السلّة. الروض الأنف ٤/ ٣٦.
[٣] صحيح البخاري: كتاب الصلح، باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان إلخ. وصحيح مسلم (١٧٨٣) . كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبيّة في الحديبيّة. وانظر سيرة ابن هشام ٤/ ٢٨، ٢٩، والطبقات لابن سعد ٢/ ١٠١ و ١٠٣.
[٤] صحيح مسلم (١٧٨٣) ، كتاب الجهاد والسير، باب صلح الحديبيّة في الحديبيّة.