فإذا "عرفت هذا عرفت أن العالم بأسره مشحون بالأنوار الظاهرة البصرية والباطنة العقلية، ثم عرفت أن السفلية فائضة بعضها من بعض فيضان النور من السراج وأن السراج هو الروح النبوى القدسى، وأن الأرواح النبوية القدسية مقتبسة من الأرواح العلوية اقتباس السراج من النور؛ وأن العلويات بعضها مقتبسة من البعض، وأن ترتيبها ترتيب مقامات. ثم ترقي جملتها إلى نور الأنوار ومعدنها ومنبعها الأول؛ وأن ذلك هو الله تعالى وحده لا شريك له، وأن سائر الأنوار مستعارة، وإنما الحقيقى نوره فقط؛ وأن الكل نوره، بل هو الكل، بل لا هوية لغيره إلا بالمجاز. فإذن لا نور إلا نوره، وسائر الأنوار أنوار من الذى يليه لا من ذاته. فوجه كل ذى وجه إليه ومولّ شطره:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله} . فإذن لا إله إلا هو: فإن الإله عبارة عما الوجه موليه نحوه بالعبادة والتأله: أعنى وجوه القلوب فإنها الأنوار. بل كما لا إله إلا هو، فلا هو إلا هو: لأن "هو" عبارة عما إليه إشارة كيفما كان، ولا إشارة إلا إليه. (و ٩ـ ب) بل كل ما أشرت إليه فهو بالحقيقة إشارة إليه وإن كنت لا تعرفه أنت لغفلتك عن حقيقة الحقائق التى ذكرناها. ولا إشارة إلى نور الشمس بل إلى الشمس. فكل ما في الوجود فنسبته إليه في ظاهر المثال كنسبة النور إلى الشمس. فإذن "لا إله إلا الله" توحيد العوام، "ولا إله إلا هو" توحيد الخواص، لأن هذا أتم وأخص وأشمل وأحق وأدق وأدخل بصاحبه في الفردانية المحضة والوحدانية الصرفة. ومنتهى معراج الخلائق مملكة