الفردانية. وليس وراء ذلك مرقي: إذ الترقي لا يتصور إلا بكثرة: فإنه نوع إضافة يستدعى ما منه الارتقاء وما إليه الارتقاء. وإذا ارتفعت الكثرة حقت الوحدة وبطلت الإضافات وطاحت الإشارات ولم يبق علو وسفل ونازل ومرتفع: واستحال الترقي فاستحال العروج. فليس وراء الأعلى علو، ولا مع الوحدة كثرة، ولا مع انتفاء الكثرة عروج. فإن كان من تغير حال. فالنزول إلى سماء الدنيا: أعنى بالإشراف من علو إلى سفل لأن الأعلى له أسفل وليس له أعلى. فهذه هى غاية الغايات ومنتهى الطِّلبْات: يعلمه من يعلمه وينكره من يجهله. وهو من العلم الذى هو كهيئة المكنون الذى لا يعلمه إلا العلماء بالله. فإذا نطقوا به لم ينكره إلا أهل الغِرّة بالله. ولا يبعد أن قال العلماء إن النزول إلى السماء الدنيا هو نزول مَلَك: فقد توهم العلماء ما هو أبعد منه؛ إذ قال هذا المستغرق بالفردانية أيضاً له نزول إلى السماء الدنيا: فإن ذلك هو نزوله إلى استعمال الحواس أو تحريك الأعضاء. وإليه الإشارة بقوله "صرت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ولسانه الذى ينطق به". فإذا كان هو سمعه وبصره ولسانه، فهو السامع والباصر والناطق إذن لا غيره؛ وإليه الإشارة بقوله:"مرضت فلم تعدنى" الحديث.
فحركات هذا الموحّد (و ١٠ـ ا) من السماء الدنيا، وإحساساته كالسمع والبصر من سماء فوقه، وعقله فوق ذلك. وهو يترقي من سماء العقل إلى منتهى معراج الخلائق. ومملكة الفردانية تمام سبع طبقات ثم