للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثا: أن أصل هذه القاعدة التي اعتمد عليها المعتزلة في نفي الصفات إنما هي مأخوذة من قولهم في دليل حدوث العالم١، الذي أثبتوا فيه حدوث العالم بحدوث الأجسام، وهذا الدليل قد بين الأشعري في رسالة إلى أهل الثغر: أنه دليل محرم في شرائع الأنبياء، ولم يستدل به أحد من الرسل ولا أتباعهم٢، فهي بهذا طريق يحرم سلوكها لما فيها من الخطر والتطويل، وما يلزم عليها من لوازم باطلة، لأنها مستلزمة لنفي الصانع بالكلية، وهي مستلزمة لنفي صفاته، ونفي أفعاله، ونفي المبدأ والمعاد، فهذه الطريق لا تتم إلا بنفي سمع الرب، وبصره، وقدرته، وحياته، وإرادته، وكلامه، فضلا عن نفي علوه على خلقه، ونفي الصفات الخبرية من أولها إلى آخرها، فلو صحت هذه الطريقة لنفت الصانع، وأفعاله، وصفاته، وكلامه، وخلقه للعالم، وتدبيره له، وما يثبته أصحاب هذه الطريقة من ذلك لا حقيقة له، بل هو لفظ لا معنى له، وبهذه الطريقة قالت الجهمية بفناء الجنة والنار، وأن الله بذاته في كل مكان، وقال إخوانهم: إنه ليس داخل العالم، ولا خارج العالم، وقالوا بخلق القرآن، إلى غير ذلك من اللوازم الباطلة٣.


١ انظر الكلام على دليل حدوث العالم في: "مجموع الفتاوى": (١٣/ ١٥١) .
٢ انظر كتاب: "رسالة إلى أهل الثغر": ص ١٦٤- ١٧٢، تحقيق عبد الله شاكر الجنيدي، رسالة ماجستير من قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية.
٣ "مختصر الصواعق": (١/٢٥٦، ٢٥٧) ، و"درء تعارض العقل والنقل ": (١/ ٣٨- ٤٠) .

<<  <   >  >>