للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مكان لتناقض الخبر العام والخبر الخاص، ولكن المعمى. أنه مع هؤلاء بنصره وتأييده دون أولئك١.

وأما استدلالهم بقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} ، فقد أجاب عنه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: "إن هذه الآية لا تخلو إما أن يراد بها قربه- سبحانه-، أو قرب ملائكته، كما قد اختلف الناس في ذلك.

فإن أريد بها قرب الملائكة: فدليل ذلك من الآية قوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} ، ففسر ذلك القرب الذي هو حين يتلقى المتلقيان، فيكون الله- سبحانه- قد أخبر بعلمه هو- سبحانه- بما في نفس الإنسان، {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} ، وأخبر بقرب الملائكة الكرام الكاتبين منه، {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} ، وعلى هذا التفسير تكون هذه الآية مثل قوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} ٢.

أما إذا كان المراد بالقرب في الآية قربه- سبحانه-، فإن ظاهر السياق في الآية دل على أن المراد بقربه هنا: قربه بعلمه، وذلك لورود لفظ العلم في سياق الآية: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} "٣.

وأما استدلالهم بقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَه} ،


١ "مجموع الفتاوى": (١١/ ٢٥١) ، و (٤/ ١٠٤) .
٢ سورة الزخرف، الآية: ٨٠.
٣ "الفتاوى": (١/ ١٩- ٢١) .

<<  <   >  >>