للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْهُ١ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.


١ هذا القول هو مذهب طوائف من الجهمية كالقرامطة والاتحادية والحلولية كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض وأتباعهم الذين يبنون مذهبهم على الحلول والاتحاد ووحدة الوجود، كما أن هذا القول وقع فيه كثير من متأخري الصوفية، وهو لازم قول الفلاسفة والمعتزلة.
فالحلولية والاتحادية يقولون: إن الوجود واحد، فالوجود الواجب للخالق هو الوجود الممكن للمخلوق، ويظهر قولهم جليا عند تفسيرهم لقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَاّ وَجْهَهُ} ، فيقولون: إن ذلك الوجه هو وجود الكائنات، ووجه الله هو وجوده، فيكون وجوده وجود الكائنات دون تميز بين الوجود الواجب والوجود الممكن، وهذا عندهم هو غاية التحقيق والعرفان. أما بيان كون هذا القول لازم لقول الفلاسفة فإن ابن سينا وأمثاله يجعلون وجود الله وجودا مطلقا بشرط الإطلاق- أي أن وجوده في الذهن لا في الأعيان- فلا يتميز بحقيقة تخصه.
وهذا هو النوع الأول من أنواع الحلول، ويسمى الحلول المطلق وقول الجهمية من المتقدمين والمتأخرين لا يخرج عن هذا.
والنوع الثاني من الحلول: هو الحلول الخاص، وهو قول النسطورية من النصارى ونحوهم ممن يقول: إن اللاهوت حل في الناسوت وتدرع به كحلول الماء في الإناء، وهؤلاء حققوا كفر النصارى بسبب مخالطتهم للمسلمين، وكان أولهم في زمان المأمون، وهو قول من وافق هؤلاء النصارى من غالية هذه الأمة، كغالية الرافضة الذين يقولون: إنه حل بعلي ابن أبي طالب وأئمة أهل بيته، وغالية النساك الذين يقولون بالحلول في الأولياء ومن يعتقدون فيه الولاية، أو في بعضهم: كالحلاج ويونس والحاكم ونحو هؤلاء. "الفتاوى": (٢/ ٢٥- ٢٦، ١٧١- ١٧٢، ٢٩٤- ٢٩٦) .

<<  <   >  >>