للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وربما يتوافر المستند الإخباري القاطع بتحديد فكرة من الأفكار، أو معنى من المعاني، دون أن تأتي هذه الفكرة أو المعنى بلفظ واحد قطعي الثبوت، وعندئذٍ تكون القطعية للمعنى أو للفكرة لا للنص اللفظي، وهذا ما يسمونه المتواتر بالمعنى، إذ يرد الخبر بعد ألفاظ كل واحد منها خبر راجح لا قطعي، إلا أن معناها بالمعنى، إذ يرد الخبر بعدة ألفاظ كل واحد منها خبر راجح لا قطعي، إلا أن معناها جميعاً واحداً، فإذا كانت عدة هذه الأخبار من قبيل المتواتر الذي يستحيل اتفاق المخبرين فيها على الكذب كان المعنى الذي دلت عليه مقطوعاً به، لأنه خبر متواتر بالمعنى.

وأما القسم الثاني وهو الخبر الذي يترجح صدقه على كذبه فهو خبر يوثق به في منهج الإسلام وثوقاً ترجيحياً، قابلاً لاحتمال النقض أو التعديل بدليل أقوى منه، ولا يوثق به وثوقاً إلزامياً قاطعاً، لاحتمال الخطأ أو الكذب فيه، وإن كان بحسب الظاهر احتمالاً ضعيفاً.

وأما القسم الثالث: وهو الخبر الذي يترجح احتمال كذبه على احتمال صدقه، فهو خبر معزول عن الثقة به عزلاً ترجيحياً قابلاً لاحتمال التوثيق بمعاضدة أدلة أخرى، ولا يرفض رفضاً نهائياً مبتوتاً به، لاحتمال براءته من الكذب أو الخطأ، وإن كان بحسب الظاهر احتمالاً ضعيفاً.

وهذا القسم يقابل تماماً القسم الثاني في كل أحكامه.

وأما القسم الرابع وهو الخبر المقطوع بكذبه حساً أو عقلاً فهو خبر مرفوض بصفة قطعية.

ولكن قد يكون الكذب في رواية اللفظ فقط، مع صحة المعنى، وفي هذه الحالة لا نرفض المعنى من أجل ثبوت الكذب في اللفظ، بل نقتصر على رفض اللفظ فقط، وننظر إلى المعنى من خلال أدلة أخرى خبرية أو حسية أو استدلالية.

وأما القسم الخامس وهو الخبر المشكوك فيه، أي: ما استوى فيه طرفا التصديق والتكذيب من غير رجحان لأحدهما على الآخر، فهو خبر لا يحكم عليه بإثبات ولا بنفي ويوضع قيد الدراسة والبحث، حتى يرد ما يرجح تصديقه أو تكذيبه.

<<  <   >  >>