للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومنهج الإسلام في الاعتماد على المستندات الإخبارية يبتدئ بما يمكن أن نسميه بالوحدة الإخبارية.

والوحدة الإخبارية هي الراوي الواحد حينما ينقل لنا خبراً من الأخبار. ولهذه الوحدة الإخبارية في منهج الإسلام شروط لا بد من توافرها حتى تكون أنباؤها مؤهلة لتجريح صدق الخبر، وحتى تكون مائلة إلى جانب القبول، وهي ثلاثة شروط:

١- العدالة، وهي أن لا يعهد على الراوي الكذب أو المعصية الظاهرة.

٢- الأهلية الفكرية لتحمل الأخبار ونقلها كما حُملت، دون نسيان أو اضطراب، أو زيادة أو نقص.

٣- اتصال الراوي بمصدر الخبر أو بمن وراه له.

وهذه الشروط تستدعي الملاحظة الدقيقة لرواة الأخبار، والنظر في أحوالهم الفكرية والخلقية والسلوكية، للتأكد من أن أخبارهم صالحة للقبول، وتستدعي أيضاً النظر في صلتهم بمصدر الخبر، أو بمن رواه لهم، وهنا تتسع مشكلة البحث العلمي في تراجم الرجال، وتتبُّع أحوالهم، وتمحيصهم، لكشف الموثوقين الذين تقبل أخبارهم، وتمييز الضعفاء والوضاعين، وتحديد درجة كل منهم في القبول أو الرفض، ونحو ذلك من البحوث.

وهذا عمل يحتاج إلى جهود مضنية وتحريات واسعة، وقد تضافرت فعلاً جهود علماء المسلمين المضنية، للاضطلاع بهذه المهمة الكبيرة على أحسن وجه عرفه التاريخ، فحرروا ما نقل عن الرسول صلوات الله عليه تحريراً لم يسبقوا إلى مثله، وتفوقوا في أعمالهم من أجل تحرير الأخبار وتنقيحها وتصنيفها على كل أمة نقلت أخبارها، واعتنت بتحريرها، لذلك فلا نجد لدى أية أمة من الأمم ولا شعب من الشعوب ذخائر علمية منقولة بالأخبار الصحيحة الموثوقة مثلما نجد لدى علماء المسلمين، وذلك بسبب وضوح المنهج الذي اتبعوه في التثبت من صحة الأخبار، أو الحكم بأرجحية صدقها.

وقد تكفل علم مصطلح الحديث بتحديد هذا المنهج وتحريره وبيانه،

<<  <   >  >>