للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتفصيل مسالكه على أحسن وجه، كما تكفَّلت كتب تراجم الرجال ببيان أحوالهم وأوضاعهم، ودرجة الثقة برواية كل منهم، والعصر الذي عاش فيه، إلى غير ذلك مما تستدعيه أصول البحث السليم.

ومما هو طريق في هذا الموضوع أن العلماء الغربيين في هذا العصر قد وجدوا أنفسهم مضطرين للاهتداء بهدي المنهج الإسلامي في تحرير الأخبار وتنقيحها، واتباع الأصول الإسلامية المقررة فيه، إلا أنهم لا يستطيعون استيفاء الشروط الإسلامية في بحث عدالة الرواة لدى التطبيق العملي، لأنه ليس لديهم أي مستند يكشف لهم أحوال رجالهم الغابرين، حتى يرجعوا إليه في تمحيص صادق الأخبار من كاذبها، وصادقي الرجال من كاذبيهم.

والمنهج الإسلامي لا يكتفي في كل الموضوعات بالوحدة الإخبارية الواحدة المقبولة للحكم برجحان صدق الخبر والعمل بموجبه، ولكن القضية في منهج الإسلام تتبع الموضوع الذي يتناوله الخبر، فما كل خبر يترجح صدقه يصلح لأن يعتمد عليه وحده في كل موضوع من موضوعات العلم أو موضوعات الحياة، بل لا بد من نسب في الأرجحية تتفاوت بحسب أهمية الموضوعات، وبحسب النتائج التي تترتب على قبول الأخبار فيها.

فما يقبل في رواية خبر تاريخي عادي لا يقبل في إثبات حق أو إدانة بجريمة، وما يقبل في إثبات حق مالي لا يقبل في الاتهام بالزنى، وما يقبل في رواية حديث نبوي وتصحيحه لا يقبل في إثبات آية قرآنية.

فالموضوعات تختلف فيما بينها، وتتفاوت في نسبة ما تحتاجه من قوة الترجيح التي يقدمها المستند الخبري.

إن بعض الموضوعات تحتاج إلى قوة في المستند الخبري ترتقي إلى مرتبة اليقين الذي لا يقبل احتمال الخطأ، وبعضها يكفي فيه دون ذلك.

١- فالنقل المباشر عن الوحي شرطه النبوة المستجمعة لصفتي العصمة والتأييد بالمعجزة.

<<  <   >  >>