للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

منهج الإسلام عند اختلاف وسائل المعرفة في النتائج

سبق في الفصل الثاني (الحقيقة بين الدين والعلم) ، بيان منهج الإسلام عندما تختلف وسائل المعرفة في النتائج التي يتوصل كل منها إليها، حول موضوع واحد، أو حول نقطة في موضوع واحد، فلا داعي لإعادة تفصيل هذا المنهج.

وخلاصته أن وسائل المعرفة لا تختلف في النتائج التي تتوصل إليها حول موضوع واحد أو حول نقطة في موضوع واحد اختلاف تناقض إلا وبعضها أو جميعها قد دخل إليه الخلل، وعلى الباحثين أن يعيدوا النظر فيما توصلوا إليه من نتائج، واليقيني منها الذي غدا مقطوعاً به نهائياً، وغير قابل للنقض أو التعديل بحال من الأحوال هو الذي يفرض نفسه علمياً، سواء أكان نتيجة إدراك حسي، أو استدلال عقلي، أو نتيجة فهم لنص ديني يقيني الثبوت يقيني الدلالة.

أما النظريات والفرضيات والاجتهادات والإدراكات الحسية، التي لا تقدم يقيناً فهذه قد تختلف فيما بينها وقد تتناقض، وقد يكون الواقع بخلافها جميعاً، والأخذ بالراجح منها أمر تفرضه الضرورة الإنسانية، ولا يكون بعضها حجة على بعض، أو له القداسة المطلقة، لن الحق منها هو ما طابق الواقع والحقيقة، ومادامت نتائجها جميعاً غير يقينية فإن هذه المطابقة تظل مجهولة، أو مشكوكاً بها، أو في مستوى الرجحان فقط، لا في مستوى اليقين المقطوع به.

فليس لأحد أن يأتي بنظرية قابلة للتعديل، أو بفرضية من الفرضيات، ويجعلها علماً مقطوعاً به، ثم يعيب بها ما يفهم من النصوص الدينية، ويزعم بذلك أن الإسلام يخالف العلم، وليس لأحد أن يأتي بفهم اجتهادي في النصوص الدينية، وهو محتمل للخطأ أو التعديل، ثم يجعل هذا الفهم الاجتهادي أمراً مقطوعاً به في الدين، ثم يرد به ما أثبتته الوسائل العلمية الإنسانية إثباتاً نهائياً مقطوعاً به، أو يرد به رداً قطعياً نظريات أو فرضيات من المحتمل أن يكون الواقع مطابقاً لها، فالفهم الاجتهادي في النص الديني أخذ بما ترجح لدى المجتهد من دلالته، مع احتمال أن يكون الواقع بخلافه، والنظرية العلمية فهم اجتهادي في تفسير الظواهر الكونية بما ترجح لدى الباحث من دلالاتها. ويظل العقل في كل

<<  <   >  >>