للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بشرِّ , لأن دائرة الولاية تبدأ من وراء طور العقل , لبنائها على الكشف " (١).

ويعرف الخواجة عبد الله الأنصاري الهروي الكشف بقوله: " هو بلوغ ما وراء الحجاب وجودًا " (٢).

فإذن لا إنكار على ما يقوله مشايخهم ويتفوهون به مخالفًا للعقل والنقل , ولا رد على ما يعملون ويأتون به منافيًا للدليل الشرعي والبرهان النظري.

وأقطع النصوص في ذلك هو ما صرح به عبد الغني الرافعي حيث قال:

" ومن آداب الطريق أن يعتقد في شيخه أنه على شريعة من ربه وبينة منه , فلا يزن أحواله ميزانه , فقد يصدر من الشيخ ما صورته مذمومة وهو محمود في الباطن , ومنهم من يجسد روحانيته على صورته ويقيمها في فعل من الأفعال ويراها الحاضرون , فيقولون: رأينا فلانًا يفعل كذا. وهو بمعزل من ذلك الفعل ... وكأنما إنما يفعلون ذلك ليصرفوا الناس عنهم " (٣).

فالمعنى أن الصوفية لا إنكار عليهم , ولو رآهم أحد يزني , ويشرب الخمر, ويعمل الخبائث , ويرتكب المحرمات , لأنه من الممكن أن تتجسد روحانيته في صورة مثل صورته ويرتكب حرامًا , وهو " بمعزل من ذلك ".

فوا أسفي على مؤامرة الصوفية ضد الإسلام والشريعة الإسلامية النقية الزكية النزيهة عن مثل هذه الفلسفات الشيطانية, فإنها لا تعرف شيئًا من هذه الحيل والعلل التي اخترعها الصوفية بالشريعة وأوامرها وهتك حرمتها.

وإلا فما المراد من تحريم الفكر والنظر في الأدلة على المريد وتحريم موازنة أفعال وأحوال شيخه بميزان الشريعة , وإيجاب التسليم لمرشده وهاديه الذي لا يهديه إلا إلى الزيغ والضلال وإلى طريق الجحيم.

فهذا جزاء لمن أراد أن يحافظ على الشريعة ولا يتركها بأمر من يريدون القضاء


(١) ((الطبقات الصغرى)) للشعراني ص ٣٨.
(٢) ((منازل السائرين)) للخواجة عبد الله الإنصاري الهروي ص ١٩٢.
(٣) ((ترصيع الجواهر المكية)) لعبد الغني الرافعي ص ٣٤.

<<  <   >  >>