للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

{إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا {١٠٧} وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا {١٠٨} وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا {١٠٩} (١).

والذين {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (٢).

وعلى هذا السماع كان أصحاب رسول الله يجتمعون , ولا على ذلك كما قال شيخ الإسلام بن تيمية:

" فأما السماع الذي شرعه الله تعالى لعباده , وكان سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم يجتمعون عليه لصلاح قلوبهم وزكاة نفوسهم فهو سماع آيات الله , وهو سماع النبيين والمؤمنين وأهل العلم وأهل المعرفة ... وعلى هذا السماع كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتمعون , وكانوا إذا اجتمعوا أمروا واحداً منهم أن يقرأ والباقون يستمعون وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأبي موسى:

يا أبا موسى: ذكرنا ربنا , فيقرأ وهم يستمعون. وهذا هو السماع الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يشهده مع أصحابه , ويستدعيه منهم , كما في الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال: " قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أقرأ عليّ القرآن) , قلت: أقرأه عليك وعليك أنزل؟ فقال: (إني أحب أن أسمعه من غيري) , فقرأت عليه سورة النساء حتى وصلت إلى هذه الآية {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قال: (حسبك) فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان "

وأما سماع المكاء والتصدية وهو التصفيق بالأيدي , والمكاء مثل الصفير ونحوه , فهذا هو سماع المشركين الذي ذكره الله تعالى في قوله {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} فأخبر عن المشركين أنهم كانوا يتخذون التصفيق باليد. والتصويت بالفم قربة وديناً. ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يجتمعون على مثل هذا السماع ولا حضروه قط ...


(١) سورة الإسراء الآية ١٠٧ , ١٠٨ , ١٠٩.
(٢) سورة المائدة الآية ٨٣.

<<  <   >  >>