للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

دعوا السّنة تمضي، لا تَعْرِضوا لهَا بالرأي

يحلو لبعض الناس ممن يتقنون صناعة الشبهات وضرب الأمثال أن يتصدوا لكل داع يبين حكم الشرع في قضايا الفروع سواء تكلم بها ابتداء أو جاءت إجابة لسائل يسأل، فيثيرون الاعتراضات العقلية الجدلية معرضين عن الأدلة الشرعية الجَلَدِيَّة، فيقولون مثلًا: المسلمون ينبغي أن تتجه همتهم إلى الأمور الخطيرة التي تهدد كيانهم، ولا ينبغي تضييع الوقت في الدعوة إلى هذه الشكليات، وهل تم تطبيق الِإسلام كله حتى لم يبق إلا إعفاء الناس لحاهم حتى يعود مجد الِإسلام؟ وهل زالت المنكرات الكبرى التي عمت المجتمع حتى لم يبق إلا حلق اللحية منكرًا يجب تغييره؟

وهذه شبهات فارغة ساقطة يكفي سقوطها في ردها، ولولا أنها تلبس على بعض الناس أمور دينهم لما ساغ لأحد الالتفات إليها، أو تجشم الرد عليها.

لأن هذا المنطق الكاسد والرأي الفاسد سوف ينسحب بلا قيدٍ على كثير من أحكام الشريعة التي لا توافق الأهواء، بحيث لا يبقى بعد ذلك مجال للدعوة إلى اجتناب المحارم وتعظيم الشعائر، وتصبح الشريعة ألعوبة في يد المنحرفين عن أحكامها، يُعَظِّمُ أحدُهم ما يحتقره الآخر، والعكس بالعكس، بل إن أخطار هذا المنهج العليل وتداعياته قد يمتد زحفها ليطال قضايا العقيدة والتوحيد لتصبح أيضًا من القشور، فماذا يبقى من الإسلام بعد تمييع هذا كله؟ مع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حذرنا من التهاون بالمعاصي واحتقارها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد يئس الشيطان بأن يُعْبَدَ بأرضكم، ولكنه رضي أن يُطاعَ فيما سوى ذلك مما تحاقرون من أعمالكم، فاحذروا يا أيها الناس، إني قد تركت فيكم

<<  <   >  >>