للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هرول في أثره حتى أخذ ثوبه فقال: " ارفع إزارك "، قال: فكشف الرجل عن ركبتيه، فقال: يا رسول الله إني أحنف، وتصْطكُّ ركبتاي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ خَلْقِ الله عز وجل حَسَنٌ"، قال: ولم يُرَ ذلك الرجل إلا وإزاره إلى أنصاف ساقيه حتى مات) (١).

عن عمرو بن فلان الأنصارى رضي الله عنه قال: (بينما هو يمشى قد أسبل إزاره، إذ لحقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أخذ بناصية نفسه، وهو يقول: " اللهم عبدُك وابنُ عبدِك وابنُ أمَتِكَ " قال عمرو: فقلت: يا رسول الله إني رجل حَمِشُ الساقين، فقال: " يا عمرو إن الله عز وجل قد أَحْسَنَ كلَّ شيٍء خَلَقَهُ يا عمرو "، وضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربع أصابع من كفه اليمنى تحت ركبة عمرو فقال: " يا عمرو هذا موضع الِإزار "، ثم رفعها، ثم وضعها تحت الثانية، فقال: " يا عمرو هذا موضع الِإزار ") (٢).

وتأمل هذا الموقف من أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، وهو في سياق مصيبة الموت الذي هو أعظم حادث مما يمر على الجبلة:

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: دخل شاب على عمر -يعني بعد ما طُعِن- فجعل الشاب يثني عليه، قال: فرآه عمر يجر إزاره، قال: فقال له: " يا ابن أخي! ارفع إزارك فإنه أتقى لربك، وأنقى لثوبك "، قال: فكان


(١) رواه الإمام أحمد (٤/ ٣٩٠)، والحميدى (٨١٠)، والطحاوي في " مشكل الآثار " (٢/ ٢٨٧)، والطبراني في " الكبير " (٧/ ٣٧٧، ٣٧٨)، وقال في " المجمع ": (رجال أحمد رجال الصحيح) اهـ (٥/ ١٢٤).
(٢) رواه الِإمام أحمد (٤/ ٢٠٠)، وحسَّنه الحافظ في " الإصابة " (٤/ ٧٠٤)، وروى نحوه الطبراني في " الكبير " (٨/ ٢٧٧) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، قال في " المجمع " (٥/ ١٢٤): (رواه الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها ثقات) اهـ.

<<  <   >  >>