للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: الخوف باستعمال الماء من العطش، (إن اعتقد أو ظن عطش نفسه أو عطش آدمي غيره أو حيوان محترم شرعاً عطشاً يؤدي إلى هلاك أو شدة أذى) فعندها يتيمم ويحتفظ بالماء للشرب. خامساً: الخوف باستعمال الماء فوات وقت الصلاة، فعندها يتيمم ويصلي الصلاة في وقتها المختار، ولو كان الماء موجوداً، ولا يعيد الصلاة على المعتمد. أما إن خشي فوات الجمعة باستعمال الماء، فالمشهور أنه لا يتيمم، وكذا الجنازة فلا يتيمم لها إلا فاقد الماء إن تعينت عليه. فإن ظن أنه يدرك ركعة من الصلاة في وقتها إن استعمل الماء، فيجب عليه استعماله ويقتصر على الفرائض مرة مرة ويترك السنن والمندوبات، فلو تيمم ودخل الصلاة ثم تبين له أثناءها أن الوقت متسع أو خرج الوقت، فلا يقطع الصلاة لأنه دخلها بحالة جواز، أما لو تبين له ذلك قبل الصلاة فلا بد له من الطهارة المائية، أما لو ترك الوضوء تشاغلاً عنه وتيمم، فلا تصح صلاته ويتعين عليه الوضوء ولو خرج الوقت.

سادساً: الخوف من شدة برودة الماء بحيث يغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله، ولم يجد ما يسخن به الماء، لما روى عمرو بن العاص رضي اللَّه عنه قال: (احتلمت في ليلة باردة، في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، ⦗٩٢⦘ فذكروا ذلك للنبي صلى اللَّه عليه وسلم، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت اللَّه يقول: "ولا تقتلوا أنفسكم إن اللَّه كان بكم رحيماً" (١) . فضحك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ولم يقل شيئاً) (٢) .

وكل من فقد الماء في السفر، أو كان مريضاً لا يستطيع استعماله، أبيح له التيمم لصلاة الفرض والنفل استقلالاً وتبعاً للجمعة والعيد والطواف والجنازة ولو لم تتعين عليه. أما إذا كان فاقد الماء حاضراً صحيحاً قادراً فلا يتيمم لصلاة الجمعة لأنها لها بديلاً وهو الظهر، والأظهر أنه يتيمم لها، ولا يتيمم لصلاة الجنازة إلا إذا تعينت عليه بأن لم يوجد غيره يصلي عليها. ولا يتيمم لصلاة نفل استقلالاً، ولو كان وتراً، إلا أن يكون النفل تبعاً لفرض، كأن يتيمم لصلاة الظهر ثم يتبعه بنفل بشرط أن يتصل النفل بالفرض حقيقة أو حكماً (أي الفاصل اليسير) فإذا انتقض وضوءُه قبل أن يصلي النافلة فلا يتيمم لصلاتها.


(١) النساء: ٢٩.
(٢) أبو داود: ج ١/ كتاب الطهارة باب ١٢٦/٣٣٤.

<<  <   >  >>