٨٤١ - أنا أَبُو الْقَاسِمِ الْأَزْهَرِيُّ، أنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الْمَرْوَرُوذِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَسْكَرِيُّ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ يُوسُفَ الْوَاسِطِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ أَبُو عُمَرَ النَّحْوِيُّ، نا الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: " حَجَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونُ، فَبَيْنَا أَنَا لَيْلَةٌ نَائِمٌ بِمَكَّةَ إِذْ سَمِعْتُ قَرْعَ الْبَابِ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَخَرَجْتُ مُسْرِعًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَرْسَلْتَ أَتَيْتُكَ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّهُ قَدْ حَكَّ فِي نَفْسِي شَيْءٌ فَانْظُرْ لِي رَجُلًا أَسْأَلُهُ فَقُلْتُ: هَهُنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: امْضِ بِنَا إِلَيْهِ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَخَرَجَ مُسْرِعًا، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ، فَقَالَ: خُذْ لِمَا جِئْنَا لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ، فَحَادَثَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: أَعَلَيْكَ دَيْنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: يَا عَبَّاسِيُّ اقْضِ دَيْنَهُ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا، فَقَالَ: مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا، فَانْظُرْ لِي رَجُلًا أَسْأَلُهُ، فَقُلْتُ: هَهُنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ قَالَ: امْضِ بِنَا إِلَيْهِ، فَأَتَيْنَاهُ فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَخَرَجَ مُسْرِعًا، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ أَتَيْتُكَ، فَقَالَ: خُذْ لِمَا جِئْنَا لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ فَحَادَثَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: أَعَلَيْكَ دَيْنٌ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: يَا عَبَّاسِيُّ اقْضِ دَيْنَهُ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا، فَقَالَ: مَا أَغْنَى عَنِّي صَاحِبُكَ شَيْئًا، انْظُرْ لِي رَجُلًا فَقُلْتُ: هَهُنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ فَقَالَ: امْضِ بِنَا إِلَيْهِ، فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَتْلُو آيَةً يُرَدِّدُهَا، فَقَالَ لِي: اقْرَعْ فَقَرَعْتُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: مَا لِي وَلِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَوَ مَا عَلَيْكَ ⦗٣٦٧⦘ طَاعَةٌ، أَوَ لَيْسَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» ، قَالَ: فَنَزَلَ فَفَتَحَ الْبَابَ وَسَاقَ الْخَبَرَ بِطُولِهِ، وَمَوْعِظَةَ الْفُضَيْلِ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ إِلَى أَنْ قَالَ: فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: عَلَيْكَ دَيْنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، دَيْنٌ لِرَبِّي لَمْ يُحَاسِبْنِي عَلَيْهِ، فَالْوَيْلُ لِي إِنْ سَاءَلَنِي، وَالْوَيْلُ لِي إِنْ نَاقَشَنِي، وَالْوَيْلُ لِي إِنْ لَمْ أُلْهَمْ حُجَّتِي، فَقَالَ: إِنَّمَا أَعْنِي مِنْ دَيْنِ الْعِبَادِ، قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ رَبِّي لَمْ يَأْمُرْنِي بِهَذَا، أَمَرَنِي أَنْ أُصْدِقَ وَعْدَهُ، وَأَنْ أُطِيعَ أَمْرَهُ، فَقَالَ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} [الذاريات: ٥٧] قَالَ: فَقَالَ لَهُ: هَذِهِ أَلْفُ دِينَارٍ خُذْهَا فَأَنْفِقْهَا عَلَى عِيَالِكَ وَتَقَوَّ بِهَا عَلَى عِبَادَةِ رَبِّكَ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَنَا أَدُلُّكَ عَلَى النَّجَاةِ وَتُكَافِئُنِي بِمِثْلِ هَذَا سَلَّمَكَ اللَّهُ وَوَفَّقَكَ، ثُمَّ صَمْتَ فَلَمْ يُكَلِّمْنَا، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمَّا صِرْنَا عَلَى الْبَابِ قَالَ لِي هَارُونُ: يَا عَبَّاسِيُّ إِذَا دَلَلْتَنِي عَلَى رَجُلٍ فَدُلَّنِي عَلَى مِثْلِ هَذَا؛ هَذَا أَزْهَدُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ، أَوْ كَلِمَةٍ نَحْوَهَا "
٨٤٢ - وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ فَقَالَتْ: يَا هَذَا، تَرَى سُوءَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْحَالِ، فَلَوْ قَبِلْتَ هَذَا الْمَالَ تَفَرَّجْنَا بِهِ، فَقَالَ لَهَا: مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانَ لَهُمْ بَعِيرٌ يَأْكُلُونَ مِنْ كَسْبِهِ، فَلَمَّا كَبِرَ نَحَرُوهُ فَأَكَلُوا لَحْمَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ هَارُونُ الْكَلَامَ قَالَ: أَدْخُلُ فَعَسَى أَنْ يَقْبَلَ الْمَالَ، قَالَ: فَدَخَلْنَا فَلَمَّا عَلِمَ بِهِ الْفُضَيْلُ خَرَجَ فَجَلَسَ عَلَى تُرَابٍ فِي السَّطْحِ، وَجَاءَ هَارُونُ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: يَا هَذَا، قَدْ آذَيْتَ الشَّيْخَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ فَانْصَرِفْ رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ: فَانْصَرَفْنَا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute