للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِلَّهِ الَّذِي أَوْجَبَهُ التَّصْدِيقُ مِنْ عَمَلِ الْجَوَارِحِ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَ بِأَنَّ اللَّهَ رَبَّهُ خَضَعَ لِذَلِكَ الْعُبُودِيَّةِ مُخْلِصًا، ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخُضُوعُ بِاللِّسَانِ، فَأَقَرَّ بِالْعُبُودِيَّةِ مُخْلِصًا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِإِبْرَاهِيمَ: {أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ} [البقرة: ١٣١] أَيْ أَخْلَصْتُ بِالْخُضُوعِ لَكَ. قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا وَصَفَ اللَّهُ عَنْ إِبْلِيسَ بِقَوْلِهِ: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ} [الأعراف: ١٢] ، وَقَوْلِهِ {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٢] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ عَرَفَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ خَلَقَهُ، وَلَمْ يَخْضَعْ لِأَمْرِهِ فَيَسْجُدَ لِآدَمَ كَمَا أَمَرَهُ فَلَمْ يَنْفَعْهُ مَعْرِفَتُهُ إِذْ زَايَلَهُ الْخُضُوعُ، وَلَمْ تَكُنْ مَعْرِفَتُهُ إِيمَانًا إِذْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا خُضُوعٌ بِالطَّاعَةِ فَسَلَبَهُ اللَّهُ اسْمَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ إِذْ لَمْ يَخْضَعْ لَهُ فَيُطِيعُهُ بِالسُّجُودِ فَأَبَى وَعَانَدَ، وَلَوْ عَرَفَ اللَّهَ بِالْمَعْرِفَةِ الَّتِي هِيَ إِيمَانٌ لَخَضَعَ لِجَلَالِهِ، وَانْقَادَ لِطَاعَتِهِ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا شَهَادَةُ اللَّهِ عَلَى قُلُوبِ بَعْضِ الْيَهُودِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ فَلَا أَحَدٌ أَصْدَقُ شَهَادَةً عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ اللَّهِ إِذْ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: ٨٩] وَقَالَ: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: ١٤٦] وَقَالَ: {لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٤٦] فَشَهِدَ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِأَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>