للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَارِفَةٌ عَالِمَةٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ أَكَفَرْتُمْ مَعَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُوجِبْ لَهُمُ اسْمَ الْإِيمَانِ بِمَعْرِفَتِهِمْ، وَعِلْمِهِمْ بِالْحَقِّ إِذْ لَمْ يُقَارِنْ مَعْرِفَتَهُمُ التَّصْدِيقُ، وَالْخُضُوعُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ بِالتَّصْدِيقِ لَهُ وَالطَّاعَةِ لِأَنَّ مَنْ صَدَّقَ خَضَعَ قَلْبُهُ وَمَنْ خَضَعَ قَلْبُهُ أَقَرَّ وَصَدَّقَ بِلِسَانِهِ وَأَطَاعَ بِجَوَارِحِهِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْإِسْلَامِ هُوَ الْخُضُوعُ فِي اللُّغَةِ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: ٨٣] أَيْ خَضَعَ لَهُ فَالْمُؤْمِنُ خَضَعَ بِالطَّوْعِ وَالتَّدَيُّنِ، وَالْكَافِرُ خَضَعَ بِالِاضْطِرَارِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْخُضُوعُ لِلَّهِ إِيمَانًا إِلَّا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْإِسْلَامِ هُوَ الْخُضُوعُ وَعَلَى ذَلِكَ أُضِيفَتِ الْأَعْمَالُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ جِبْرِيلُ مَا الْإِيمَانُ؟ فَقَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» يَعْنِي أَنْ تُصَدِّقَ، وَقَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» فَأَخْبَرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ خُضُوعٌ بِالْإِقْرَارِ لِلْإِخْلَاصِ لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَالْوَحْدَانِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ خُضُوعِ الْقَلْبِ بِالتَّصْدِيقِ فَكُلُّ خُضُوعٍ عَنْ خُضُوعِ الْقَلْبِ فَهُوَ إِسْلَامٌ، وَكُلُّ خُضُوعٍ مِنَ الْقَلْبِ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ كُلَّمَا ازْدَادَ صَاحِبُهُ تَصْدِيقًا، وَيَقِينًا، وَبَصِيرَةً ازْدَادَ إِجْلَالًا لِلَّهِ وَهَيْبَةً فَإِذَا ازْدَادَ إِجْلَالًا وَهَيْبَةً ازْدَادَ خُضُوعًا وَطُمَأْنِينَةَ قَلْبٍ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>