للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: الوضوح والبيان:

لا شك أن مصعب بن عمير - رضي الله عنه - كان فصيح اللسان , وهذا من طبيعة العرب في ذلك الزمان , وفي بيانه - رضي الله عنه - كان دقيقاً في اختيار الدليل , فيتضح لنا من خلال الآية السابقة أن مصعب بن عمير - رضي الله عنه - قد اختار ذلك الدليل؛ لأنه يعرف مدى فصاحة العرب وبلاغتهم, ومدى اهتمامهم باللغة العربية من خلال الرجز والشعر والنثر , فتفتخر به القبائل وتتباهى به؛ لذلك أتى بهذا الدليل بما يناسب أحوالهم؛ وليعطي ما جاء به قوةً ومتانةً.

وقد كان - رضي الله عنه - يقتصد في كلامه , ولا يطيل إلا للبيان والتوضيح كما فعل مع سعد بن معاذ - رضي الله عنه - عندما عرض عليه الإسلام (١) , كما أنه لا يجادل ولا يكثر من الحشو في الكلام , فقد قال لسعد - رضي الله عنه -: " أو تقعد فتسمع؟ فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره " (٢).

خامساً: الرد على الشبه بما يناسبها:

لقد كان مصعب بن عمير - رضي الله عنه - يواجه الشبه بكل قوة , ولم يتوانَ ولم يتردد في الرد عليها , ففي ذلك اليوم الذي رجع فيه إلى مكة ذهب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - , ثم جاء إلى أمه فقالت له: " إنك لعلى ما أنت عليه من الصَّبْأَةِ بعدُ! قال: أنا على دين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الإسلام الذي رضي الله لنفسه ولرسوله " (٣) , فأرادت أمه من هذه الشبهة أن تُلبِّس على ابنها وتصده عن الدين الإسلامي , فرد مصعبٌ - رضي الله عنه -


(١) ابن هشام: السيرة النبوية , ١/ ٤٣٥.
(٢) المصدر السابق.
(٣) ابن سعد: الطبقات الكبرى , ٣/ ٨٨.

<<  <   >  >>